مقالات
في الصين يربون رجالا، ونحن نربي غثاء سيل ونفاخر بهم !
صلاح محمد عبد الدايم شكوكوتخطط الصين حاليا وباهتمام كبير لإضافة مادة عن (الرجولة) في المناهج الدراسية الأولى ، حيث لاحظ المسؤولون أن فتيان هذا الجيل أصبحوا ناعمين و(أنثويين وحساسين أكثر من اللازم).
هذا الطرح الجديد أو هذه الخطة الجديدة أثارت نقاشاً حاداً حول ماهية الأدوار والوظائف الجديدة للجنسين ، حيث أوضحت الحكومة الصينية عن طريق المستشار الصيني سي زيفو : (إن ربات البيوت والمعلمات أفسدن الصبية الصينيين في المدارس)
وقال أيضا : إن الأولاد سيصبحون قريباً (حساسين وخجولين وربما شاذين) ما لم يتم اتخاذ إجراءات جادة وسريعة لمعالجة هذه القضية الإجتماعية الخطيرة .
بل أكد الرجل أن هذا الأمر بالنسبة للصين يعتبر (أمناً قومياً) محذراً من أن (تأنيث) الأولاد الصينيين (يهدد بقاء الصين وتنميتها) المستقبلية .
مبادرة لتنمية الرجولة
كان في السابق يُنظر لفترة التجنيد العسكري للصينيين كإحدى الحلول الممنهجة لعودة الخشونة والرجولة للشباب الصيني ، ولكن بحسب تقارير خاصة أفادت أن الوقت حينها يكون قد تأخر كثيرا (ولم يعد التصحيح والتعديل ممكناً).
لذلك صدر قرار وزارة التعليم الصينية بإعداد خطط (لتنمية الرجولة) لدى الأولاد من رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية .
تتضمن المبادرة: -
1. زيادة توظيف الرجال كمعلمين في الصفوف الدراسية ، وكذلك كمدربين في الصالات الرياضية .
2 . تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضات الجماعية العضلية الخشنة .
3 . الإبتعاد عن الألعاب الالكترونية .
4 . دعم البحث في قضايا مثل مدى تأثير ظاهرة مشاهير الإنترنت الشواذ على قيم المراهقين .
تأتي هذه الخطة في أعقاب تحذير واسع من الباحثين في الصين من أن الأمة الصينية تعاني من أزمة رجولة وأزمة وطنية .
"الرجولة في خطر" هذا هو خلاصة الكتاب الذي أصدره الطبيب الفرنسي أنتوني كلير،منوهاً إلى أن الحياة المعاصرة في الدول المتقدمة أفقدت الرجال خصائصهم الجسدية والنفسية والأخلاقية، وأن الرجل البسيط في الغابة أو الصحراء أكثر رجولة من ملوك المال والصناعة والتجار والموظفين الجالسين وراء مكاتبهم .
ويرى الكثيرون أن صورة الرجل تتشابه تماما مع صورة المرأة إلى حد (خطير) فبات نجوم الغرب الذين لا يحملون القيم هم القدوة والمثل وصناع الموضة والشهرة ويظهرون في صورهم بالأقراط في آذانهم ويعتمدون(الباروكات) ويعلنون وهم في كامل مكياجاتهم عن زواجهم بمثليين .
بعض الباحثين من ثقافات شتى يدقون ناقوس الخطر وينبهون إلى أزمة الرجولة في العالم بسبب زيادة الاختلاط وغياب الفاصل النوعي ، حيث أصبحت أكثر المدارس تسند عملية التدريس فيها إلي النساء ، وهو ما يرجعه كثير من الباحثين إلى الثورة النسوية في ضوء الحملات المناهضة للتحرش والمطالبة بمساواة الجنسين في الحقوق والواجبات والدعوة إلى ( تمكين المرأة ).
انقلبت الصورة رأسا على عقب ، فبعد أن كانت الأنثى تقلد الرجل ملبساً وحلاقة ، تغير الحال وأصبح الشاب يقلد الأنثى ويزداد رقة وانكسارا، هذا هو الأمر الذي انعكس سلباً على المجتمعات من خلال ضياع دور الرجل في المجتمع وضاعت المسؤولية الأبوية في المنزل .
صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية والباحثة "أوليفيا غاوزالي" عبروا عن أسفهم وشفقتهم على هؤلاء الرجال الذين أجبروا على الإعتذار عن كونهم رجالا، أما الفيلسوف الفرنسي فرانسوا أوشي فعلق قائلاً : لا يمكن أن نظل غير مبالين بالتغيير (الأنثروبولوجي) الذي يتم أمام أعيننا في عالم لم يعد يبرز فيه ما يدل على أي فوارق بين الجنسين .
ظل العالم مؤخراً يركز بشكل غير طبيعي على تمكين المرأة على جميع المستويات ، لكن كيف يتم هذا التمكين بحيث لا تؤثر هذه (الثورة الأنثوية) على الجنس الآخر ؟.
طرحت الكاتبة الفرنسية لاتيتا بونار في كتابها (هل عفا الزمن على الرجال؟)، وهو الكتاب الذي حوى تشخيصاً واقعياً يؤكد فيه تراجع ترتيب الرجال مستعينة بالعديد من الدراسات، فالمرأة استفادت كثيرا من التكنولوجيا في سد حاجتها عن الرجل بفضل التخصيب الصناعي وغيرها من الأمور في الوقت الذي لم تعد فيه القوة البدنية للرجال ذات فائدة اجتماعية .
وتتهكم الكاتبة الفرنسية فتقول : أعتقد أننا نطلب المستحيل من الرجال حين نطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء في نفس الوقت ، وقساة ومتفهمين وشديدين في الخارج ، ولطفاء ورومانسيين بالمنزل لذلك أصبح الكثير من الرجال يميلون إلى الفرار من الواقع تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء وهذا هو سر زيادة حالات الطلاق والعنوسة حول العالم.
وكذلك العزوف عن الزواج وكثرة العزاب من الرجال والنساء فبأيدينا خربنا (فطرة الله في خلقه) بأفكار شاذة وقوانين مشجعة على ذلك ، حتي فقد الرجل (دوره) ، وأصبح يتعامل بالمثل فخرج لنا أفكارا مثلية ليتزوج الرجل من رجل للحصول على (بديل انتقامي) من المرأة .
قديماً كان العرب يرسلون أبناءهم إلى البادية ليتعلموا الشجاعة، والفصاحة، والفروسية،وقوة التحمل، ويؤكدون التزامهم بالأخلاق والعادات والتقاليد لتكون أجسادهم صحية في جو نقي بعيدا عن المدن وملوثاتها وضجيجها وثقافتها .
الآن نسأل كيف لكثير من الأبناء الذين كانوا في الماضي يذهبون مع آبائهم إلى الحقول، وأماكن الكد، وتعلم حياة وتراث أهلهم وأجدادهم، ولكن بسبب القوانين الجديدة والاشتراطات الكثيرة التي تسببت في نفور الشباب، وبعدهم عن ممارسة هوايات وأعمال أجدادهم حدث نوع من العزوف والانكفاء على الذات ليصبحوا فريسةً سهلةً للأفكار الخارجية الهدامة.
حينما تشاهد بعض الشباب في المولات والكافيهات والمطاعم والصالات وترى تسابقهم على الصالونات وعيادات التجميل فلا تسأل كيف تقلصت الرجولة وأصبحت صورة من الماضي .
أصبحت الشجاعة والمروءة والشدة في البأس للقراءة والإطلاع فقط ومجرد صور مرسومة في طيّات الكتب المدرسية أو قد تشاهدها في أفلام تاريخية .
ترى هل انقضى زمن (الشوارب والخشونة والعين الحمراء) والتي ظلت عناوين للرجولة؟
لا تعجب فنحن أيضاً دون أن نشعر نكرس لهذه المفاهيم في ظل الحرية المطلقة وعدم الرقابة فندعم الخطأ ثم نتباكى عليه.
نقلا عن موقع اضاءات السوداني