مقالات
ولازالت المذابح التركية مستمرة
اللواء دكتور علاء عبدالمجيدإن التاريخ يُعد محدداً رئيساً لتشكيل واقع ومستقبل الأمم والأوطان ، فمن بوتقه التاريخ يتم بناء الوعي الجمعي للساسة والقادة لاسيما إن كانوا ينتمون لنفس الإيدلوجيات القديمة ولنفس القيم التي أدت إلي تمكين عرق معين ، ومن هذا المنطلق نري التطابق المنذر بين جماعة " تركيا الفتاة "الذي أستولت علي حكم تركيا قبل المذبحة الكبري للأرمن في 1915 ، وبين الحكم الأردوغاني المستبد الذي يختطف حكم تركيا الأن ...!
فكلاهما حركات رجعية متشددة لا تخفي ميولها المنحازة للعرق التركي غير عابئين بالحقوق المدنية المتساوية لمواطني الدولة التركية في الداخل ناهيك عن نوازع العدوان الخارجي ضد كل المخالفين في العرق او الدين ، وظهر ذلك جلياً في المذبحة التي جرت ضد الأرمن بين عامي 1915،1917 وهي مذبحة ترقي لجريمة الأبادة الجماعية حيث كان عدد الأرمن قبل 1915 حوالي 1,5 مليون أرمي مقيم تركز معظمهم في الأناضول ، وقبيل نهاية عام 1917 لقي ما يصل إلي 1,2 مليون منهم حتفهم حيث تم قتل الأرمن بكل الطرق الوحشية ، وكانت " المسيرات القسرية " التي أجبرهم عليها العسكر العثمانيون هي الوسيلة المروعة الأكثر إستخداماً
حيث كانوا يخرجون الأرمن من بيوتهم ومدنهم ليقودهم العثمانيون إلي الصحراء دون مورد أو ماء ثم يتركونهم هناك ليلقوا مصرعهم بكل الطرق المحتملة ..! ، هذا بخلاف حالات القتل الجماعي الموثقة تاريخياً .
كان شعار الرباق واحداً .... ، التخفي خلف إثارة النوازع العرقية والدينية للجماهير ، رفعت جماعة " تركيا الفتاة " شعار تركيا للأتراك ، فقاموا بتلك الإبادة الجماعية المروعة ، وكذلك أروغان الأن ,,, يضطهد كل الأعراف المخالفة كالأكراد مثلاً ، ويطلق عليهم النيران ويقصفهم بالقنابل ويقذفهم بالصواريخ ، فالمنبع واحد ، والبئر الأسن لم تنزل تغرز التعصب ذاته ...! ، كانت الأمبراطوية العثمانية تعلن أنها حامية الفقيدة الإسلامية وراعية الأمة الإسلامية ، كما كانت تدعي أنه لولا وجدوها الأندتر الإسلام وضاعت أمته ...! لذا كان مبرراً لدي الذهنية العثمانية الرجعية القيام بقتا الأرمن الذي يدينون بالدين المسيحي ... فكانت المذبحة التي تم خلالها القتل علي الهوية
ونفس ذلك الفكر المتعالي والمتغطرس يحكم الأن أردوغان ، حيث يدعي أنه حامي حمي القدس الشريف بينما علاقاته الدافئة مع إسرائيل لا ينكرها مبصر ، يتحدث بإسم الإسلام ذاته ليتخذه ذريعة للتدخل في شئون الدول الأخري لاسيما تلك التي تشكل تهديداً مباشراً لمشروعه الرد يكالي بإحياء الإمبراطوية العثمانية ..
وتقع مصر في طليعة الدول التيأفسدت ذلك المخطط الإستعماري الذي يرتدي مسوح الديمقراطية بينما تُحكم تركيا بنظام ديكتاتوري بحت ، ويرتدي مسوح الرهبان بينما ترتكب الموبقات في الشوارع علناً تحت بصر أردوغان ، ويرتدي مسوح حقوق الإنسان بينما سجل تركيا الحقوقي تحت نير حكمه يغيض بالإنتهاكات المروعة التي تمت إدانتها دولياً ، فمن هذا النبع الفائض بالدماء يجئ الفكر الأردوغاني ليكرس لحكم الفرد لصالح عرق معين أو معتقد بذاته ، وهذا يهدم فكرة الدولة الحديثة ويطعنها في مقتل ، حيث لا حقوق متساوية لمواطني الدولة في الداخل ، ولا إحترام لحدود الدول المجاورة أو خصوصية الأمم ..
ومما يوضح خطورة الصمت الدولي المريب علي جرائم النظام التركي الحالي ما قاله "هتلر" في بيان له عام 1939 م ، حيث أوضح "أدولف هتلر" نفسه إستخدامه للمخطط العثماني ونفس الوسائل التي وقعت علي الأرمن عام 1915 لتبرير مذابحة التي أقترفها في بولندا ...!!
فلو كان العالم أنتفض في وجه تركيا حيث قامت بمذبحة الأرمن لما كان لهتلر أن يرتكب جرائمه في بولندا بذات المخطط والوسائل ..، لذا نأتي اليوم لنحذر ذلك المجتمع الدولي المتواني في مواجهة جرائم أردوغان المتكررة لأنها ستولد موجات لا نهائية من التعصب العرقي والديني ليشمل المنطقة برمتها وربما تنتقل أثارها لقلب القارة العجوز ذاتها ...!!
فمن عجائب الأمور حقاً ... أن يقوم الكونجرس الأمريكي بإصدار قانون بإعتبار ما جري للأرمن يرقي لتوصيف جرائم الحرب وينعته بـ " الإبادة الجماعية " وقد خرج هذا القانون بأغلبية كبيرة حيث توافق عليه نواب الحزبين الديمقراطي والجمهوري في سابقة نادرة الحدوث ... بينما الإدارة الأمريكية تمد يد العون لأردوغان ويستعد "ترامب" لإستقباله خلال الأيام القادمة في البيت الأبيض ، في حالة صارخة من حالات التناقض بين السياسة الأمريكية والمبادئ التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية ، قد يظن صانع القرار الأمريكي أنه بذلك يحمي المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، ولكن ذلك يعد خطأ إستراتيجي كبير ... فهو إن حمي تلك المصالح جزئياً الأن فسوف تكون عاقبة ذلك أوخم مما يتصورون ، ويكفي إهتزاز صورة أمريكا في ذهنية ستعوب المنطقة حيث تبدو كحامي لهذا الديكتاتور المعتدي الذي يزرع الفتن ويبث التعصب أينما حل ، مما سيخلق موجات متوالية من التطرف المقابل ستؤدي لأستمرار حالة عدم الإستقرار