مقالات
متى تعرف مشروعات الطريق الصحراوى النجاح
محمد عبد المنصففي مطلع التسعينات منحت الدولة مساحات كبيرة من الأراضي الصحراوية علي جانبي طريق مصر اسكدرية الصحراوي مجانا للمستثمرين لاستصلاحها ، و قامت بتقينين وضع اليد عليها ، ليتحول الطريق من صحراء جرداء الي واحات خضراء ، تتحكم في اكثر من 50% من صادرات، وتستوعب حوالي 500 الف اسرة تعمل في قطاع الزراعة.
غير أن انتاجية كثير من هذه الاراضي بدا في التدهور، نتيجة سوء ادارة تلك الموارد، فالزارعة من القاهرة حتي الكيلو 107 اعتمدت اساسا علي مياه الابار، التي تم حفرها دون ترشيد، فقد كان المستثمر يحصل علي رخصة حفر بئر واحد، ثم يقوم بحفر بئران او ثلاثة مما نتج عنه ارتفاع نسبة الملوحة في مياه هذه الابار وجفاف بعضها ، واصبحت تلك الاستثمارات في مهب الرياح.
في مطلع الألفية الجديدة عرض عدد من المسثتمرين علي وزارة الموارد المائية والري ، شق قناة ري من ترعة النوبارية، علي أن يتولوا هم ادارتها ، فتقدمت الوزارة بطلب للبنك الدولي لتمويل المشروع ، فوافق علي تمويله بمبلغ 100 مليون دولار، غير ان المستثمرين اختلفوا مع الوزارة في كيفية ادارة المشروع واولويات توزيع المياه بين المزارع فقام البنك بسحب التمويل عام 2012 .
ومع تفاقم ازمة المياه علي وزارة الري رفضت السماح باقامة المشروع اصلا وبقيت المشكلة كما هي ، ووجد المستثمرون انفسهم في موضع صعب فاما انت تضيع عليهم استثماراتهم او يستمروا في انتاج محاصيل غير مطابقة للمواصفات القياسية وغير قابلة للتصدير، ولكنها تحقق خسارة اقتصادية عليهم.
والواقع ان قطاع الزراعة يعاني من انفصام في العلاقة بين المستثمرين، ومعاهد البحوث فالباحث في يعيش في معمله بعيدا عن الواقع العملي والمستثمر لا يجد من يرشده ، ويبقي السؤال كيف سمحت الدولة بخروج هذه المشروعات الي النور دون ا ي دراسة جدوي واضحة المعالم.
والغريب ان الدولة بدأت مشروعا آخر لاستصلاح المنطقة الواقعة علي جانبي ا لطريق الدولي بين وادي النطرون والعلمين، لتعيد نفس الخطأ، وليستمر اهدار المال الخاص، الذي يعتمد عليه الشعب في فتح استثمارات جديدة تستوعب البطالة بصورة منتظمة ودائمة بدلا من حياة الكثيرين في اعمال مؤقته لا تحقق الاستقرار المعيشي لهم.
لقد كان للدول المتقدمة تجارب سباقة في هذا المجال حققت نجاحا ملموسا ، حيث كانت عملت الدولة علي تكوين مكاتب استشارية تابعة لاحدي الجهات العملية ، فهناك في مصر كلية زراعة ومركز بحوص زراعية يضم 16 معهدا و14 معملا مركزيا ، ومركز بحوث الصحراء الذي يضم 4 شعب و21 قسم، كلها قادرة علي تكوين مراكز عملية للمشروعات المزمع اقامتها غير ان الباحثين انفسهم في حاجة الي تاهيل للتعامل مع المستثمرين، بجدية وحيادية.
تتولي تحديد وافضل المحاصيل التي يمكن زراعتها والعائد الاقتصادي المتوقع منهاوانسب نظم الري للمنطقة ، وتحديد الشركات التي تصلح للعمل في هذه المشروعات، سواء التي تنتج مستلزمات شبكات الري او التي تتولي تصميم وتنفيذ الشبكة، بدلا من اسلوب المقاولين الذي يقوم علي الفهلوة ولا يعتمد علي العلم .
وفي دول الخليج تقوم باختبار المهندسين العاملين بالشركة ومعرفة سابق الخبرة لديهم، كما تخضعمن لعمليات تفتيش مفاجئ يتم بمعرفة وزارة الزراعة والري، غير انه من الواضح ان الفهلوة هي التي تحكم العمل في تلك المشروعات، ولذلك يكون مصيرها الفشل، ولابد من اداركها ونحن علي عتبة استصلاح مليون ونصل المليون فدان جديدة حتي لا نعيد نفس الاخطا