مقالات
رفح .. السلوم.. وجريمة الاعلام
محمد عبد المنصفجريمة نكراء يرتكبها أبناء الشعب المصري في حق أنفسهم وحق أهلهم من سكان الواحات حين يصر الكثيرون علي استعمال تعبير مصر من اسكندرية الي اسوان وكان بلادنا قاصرة علي وادي النيل ودلتاه متجاهلين اهالينا من البدو اولئك الذين يعيشون علي حدودنا الشرقية مع فلسطين او علي حدودنا الغربية مع ليبيا .
والواقع ان هؤلاء البدو وهذه القبائل هم حائط الصد الأول ضد أي عدوان تتعرض له بلادنا من مهربي السلاح والمخدرات وجواسيس الدول المعادية ، ولابد من استعادة النظر في اسلوب تعامل الدولة معهم بطريقة تجعل مصر جزءا من نسيج حياتهم .
لقد ظلم الاعلام هذه المناطق الحدودية حين تجاهلها عن عمد او حسن نية المهم ان اغلب اهالينا في هذه المناطق يشعرون بخيبة امل في تعامل الدولة معهم وكانهم جزء غريب عن نسيج مجتمعنا ولابد من تبني حملة اعلامية لربط هذه المناطق بالوادي والدلتا فهم منا ونحن منهم .
اذكر ان الفنان حسين صدقي قدم اغنية للمطربة "ليلي مراد" تحت مسمي "ياسكني مطروح" قبل اكثر من 70 سنة ولازالت كلمات هذه الاغنية تعيش في وجدان كل الشعب المصري ولابد من تكرار هذه المحاولات من خلال افلام تتحدث عن حياتهم اليومية ومعاناتهم مع ضعف الامكانيات وصعوبة التواصل مع العاصمة ومعاناة ابنائهم في التعليم ودخول كليات القمة .
ان المتابع للاعلام المصري علي مدار العام لايجد تغطية خبرية علي ارض الواقع لهده المناطق ومعها الواحات الجميلة الفرافرة والداخلة والخارجة والبحرية ، وكلها مناطق سياحية لا نعرف كيف نستثمرها ولا كيف نسوق لها داخليا او خارجيا ولابد من ايجاد وسائل مواصلات سريعة تجعل الوصول لتلك المناطق سهلة ويسيرة.
لقد ركز الاعلام طيلة حياتنا علي نقل الاخبار السلبية عن هده المجتمعات مثل القبض علي مجموعات الهجرة غير الشرعية ، ومهربي المخدرات والجواسيس ولم ينقل لنا كرم البدوي ونجدته للملهوف وقت الشدة ولم يحدثنا عن دورهم المتواصل في غلق باب الشر علي مصر ودورهم الحيوي في تامين حدودنا .
كما لم يذكر لنا الشخصيات العظيمة التي خرجت من بينهم خاصة اولئك الذين تعلموا في الأزهر الشريف وكانوا مثالا للعالم الملتزم فقها وتطبيقا ، ولا الأطباء الذين عانوا الأمرين حتي تخرجوا من كلية الطب بتكلفة تعادل عشرة اضعاف الطالب العادي فقد حدثني احد الأطباء من اهالي السلوم عن انتقاله خلال الثانوية العامة الي الاسكندرية كي يتلقي دروسا خصوصية في الكيمياء والطبيعة والاحياء حتي يحصل علي مجموع يدخله كلية الطب .
آن الآوان كي نعيد حساباتنا مع تلك المناطق وان نعطي لأبنائها الفرصة في الحصول علي أعلي درجات التعليم والأهم تمكينهم من اعتلاء أعلي المناصب في المحليات وغيرها فلم نسمع مثلا عن محافظ أو مدير أمن خرج من بين أهالينا في السلوم او رفح نتمني أن نري ذلك قريبا .