مقالات
القمر الغائب.. عبد اللطيف المناوي
عبد اللطيف المناوي«فى الليلة الظلماء يُفتقد القمر»، وأظن أننا نشعر كثيراً بالافتقاد لأسماء متعددة ونحن نتابع الدراما الرمضانية، على رأس هؤلاء الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة، الذي ترك حزنا في قلب كل من سمع خبر رحيله. وهذه الأيام تمر ذكرى رحيله، ونشعر بحجم الفقدان والخسارة.
الشىء الذي يميز أسامة أنور عكاشة هو أنه مصرى حتى النخاع، حتى في القضايا التي ناقشها في كتاباته والقضايا التي فجرها والتى كان لا يتبنى فيها إلا ما يرى أنه يصب لصالح الوطن، والمواطن، والهوية المصرية، والذى كان يجبرك حتى في اختلافه على احترامه واحترام مصريته.
انشغل أسامة أنور عكاشة في مسلسلاته بهذه القضايا، بالسؤال المصرى، بالتاريخ المصرى، بالهوية المصرية، وسؤال الهوية هو الذي طرحه في مسلسلاته الأخيرة ابتداء من طرحه في مسلسل أرابيسك، ومحاولة الإجابة عليه في مسلسل زيزينيا بجزئيه، ثم في مسلسل المصراوية الذي رحل دون أن يكمله، انشغل بسؤال التاريخ المصرى، في مسلسل ليالى الحلمية بأجزائه الخمسة، ثم في مسلسل المصراوية أيضا، في محاولة لرصد التغيرات في الشخصية المصرية، ولماذا تغير المجتمع المصرى، ما سبب انتشار الرشاوى والفساد، كان هذا هو السؤال الذي طرحه في مسلسلات مثل عصفور النار، وأنا وأنت وبابا في المشمش، وضمير أبلة حكمت، ورحلة أبوالعلا البشرى، والراية البيضا، وكلها أعمال ارتبطت بوجدان الشارعين العربى والمصرى، لم يكن أسامة أنور عكاشة يكتفى بطرح المشكلة بل كان أيضا يسعى إلى إيجاد حلول لها، انشغاله بالهوية المصرية تبدى أيضا في أعماله السينمائية القليلة والمهمة والمؤثرة في تاريخ السينما مثل «كتيبة الإعدام» و«دماء على الأسفلت» و«الهجامة».
بالتأكيد رحيل أسامة أنور عكاشة ترك فراغا كبيرا، كمفكر يشارك في العديد من الصحف بمقالات تتناول الشأن المصرى والعربى، وكعميد لكتاب الدراما، جعل رجل الشارع يسأل من هو كاتب هذا المسلسل؟ فإذا عرف أنه أسامة أنور عكاشة قرر أن يتابعه، وكمثقف حقيقى يعرف هموم رجل الشارع والمواطن ويعبر عنها، الأكيد أن رحيل أسامة أنور عكاشة قد أثر فينا جميعا، لكن لاشك أن أعماله التي أثرت في وجدان المجتمع العربى كله- وليس المصرى فقط- باقية.