مقالات
متي تستعيد مصر بريق .. رالي الفراعنة
محمد عبد المنصفنجحت مصر خلال فترة الثمانينات من القرن العشرين في اقامة واحدا من اكبر رالي السيارات في العالم حيث امتدت مسافة السباق لأكثر من 2000 كيلو متر بداية من الضبعة علي البحر المتوسط مرورا بالواحات البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة وانتهاء وصولا الي شاطئ البحر الاحمر بسفاجا مرورا بطرق صحراوية وعرة.
وكان احيانا يتخذ مسارا اخر بحيث يبدا من واحة سيوة وينتهي بشرق العوينات علي الحدود المصرية السودانية مرورا بالوحات المختلفة ، وكانت اغلب شركات صناعة السيارات العالمية حريصة علي المشاركة فيه علي اعتبار ان مجرد تواجدها في الرالي شاهدة بجودة صناعتها وقدرتها علي السير تحت أصعب الظروف البيئية.
كما كانت فرصة للمصممين والمبتكرين للتعرف علي اهم عيوب الصناعة، وكيفية تطويرها في موديل العام القادم، وكان لهذا السباق سمعته العالمية، كما كان بمثابة عيد لكل المناطق السياحة، سواء لزيادة حركة السياحة المصاحبة للرالي اوللدعاية الاعلانية للمناطق السياحية في اغلب القنوات الفضائية والصحف العالمية، أو لرغبة العديد من المصريين في زيارة تلك المعالم التي لم يسمع بها من قبل بعد انتهاء الرالي.
وكان هناك رعاة كثيرون لذلك الرالي قادرون علي الوصول به الي العالمية، توقفوا فجأة عن تنظيم المهرجان بحجة الدواعي الامنية في الوقت الذي استمرت مصر في تنظيم نماذج اخري من الرالي علي مستوي ضيق لا يرقي الي مستوي العالمية.
وتكمن مشكلة الرالي في أنه لا يجد جهة رسمية من الدولة قادرة علي رعايته وتنظيمه بما يليق بسمعته العالمية، فحشد كبار مصنعي ومستوردي السيارات في سباق واحد أمر ليس سهلا، فمن المؤكد أن تكلفة تنظيم الرالي يتعدي ملايين الجنيهات وربما المليار جنيه غير أن عائده يفوق ذلك بمراحل اذا أحسنا تنظيمه بصورة عالمية ، فهو فرصة لتسويق الصناعات المصرية المغذية لمصانع السيارات .
ان أغلب الواحات المصرية تعاني من الركود بالرغم من وجود العديد من الفنادق خمس نجوم بها، وذلك بسبب غلق مطار الواحات الداخلة قبل عشرة أعوام، وتوقف شركة مصر للطيران عن الهبوط بطائراتها في مطارات الداخلة وسيوة ولابد من احياء ذلك الممر الحيوي، لأنه فرصة عظيمة لنقل الكتلة السكانية من الوادي والدلتا الي الصحاري المنتشرة بطول البلاد وعرضها.
وكان هناك توجه الي اعادة تقسيم حدود المحافظات بحيث تصبح العلمين الجديدة محافظة مستقلة، والواحات البحرية وسيوة، محافظة مستقلة وواحتي الفرافرة والداخلة محافظة مستقلة، لتنشيط حركة السياحة بتلك المناطق التي لا تقل في أهميتها عن الأقصر وأسوان فهناك التزحلق علي الرمال ، وهناك الاستشفاء بالعيون الكبريتيه فضلا عن المزارات السياحية والصناعات اليدوية والتراثية وغيرها كثير غير أننا أهملناها بحجة الدواعي الأمنية.
لقد نجحت كثير من دول العالم في استغلال راليات السيارات للتسويق لمزاراتها السياحة مثل السنغال والجزائر وغيرها ولم تحقق الراليات المصرية منذ عام 2010 نفس الصدي العالمي سواء لقلة عدد الشركات المشتركة او لقلة عدد الدول المشاركة نظرا لان الرالي يضم نوعان من السباقات الاول لقياس كفاءة السيارات والثاني لقياس كفاءة السائقين أنفسهم نتمني أن يجد رالي الفراعنة جهة قوية ترعاه لاستعادة سمعته العالمية.
نقلا عن جريدة الأموال عدد 8 ديسمبر 2019