مقالات
الدكتور محسن عبد الخالق يكتب: «خَلطة عَشوَائية من اللصُوصِ»
عاشت الجماهير المصرية لحظة توافر لها كل عناصر المأساة ، يقود إليها اليأس أكثر مما يدفع الرجاء ..
أمس ..
كان الغَيم يَذوبُ حُزنًا فى الأُفقِ ، وكان يمكنك أن ترى السماء وهى تُمطر حزنًا ..
فى ملعب كُرة القدم ..
لم تكن الجماهير الوَفِيَّةُ تهتف وإنما كانت تعزف على أوتار الغَضَب ، وكان شَهيقها وزفيرها جُرحان ينزفَان فى الهواء !
فى مُدرجات كان يُمكنك أن تسمع مَوجات الصَّوت جريحة وهى تهتف بمشاعر الأسى ..
فى البيوت ..
كان هناك قلوب إنكسرت وأفئِدة إنجَرحت ..
كان هناك مشاعر تختلج ، وتتمزّق ، وهى تتدفق فى شريان الوقت ..
كان هناك ملايين من عشاق الكرة تغرق فى الدموع ، ذلك أن ما رأوه فعلًا تناقض مع ما إنتظروه حُلمًا ..
وكان قَلق " مصر " له صوت خاص نَحِسُّ به وكأنه يُولدُ فى حَنَاجِرنَا ..
للفشل ذبذبات تسبق قُدومه ..
فىى مُقدّمة هذه الإهتزازات أن الخِيَانَة مُقيمة فى " إتحاد كرة القدم المصرى " إقامة دائمة ، بل أن هذا الإتحاد هو نفسه كان الخائن دائما فى جميع الأحوال ..
فى " مُنديال روسيا " كان واضحًا أننا أمام فشل واقع وآخر مُتَوقَّعُ ، وأننا ندخل فى نفق ولا نخرج من نفق بعده ، وأن قِشرَة االفساد داخل إتحاد كرة لقدم صُلبَة وسَميكة وأنها تكلَّسَت طبقات ، طبقَة تقوم فوق طبقة ، وطابق يرتفع على طابق تحته ، وأن الداء فاتك ، وأن التطهير تأخَّر ..
كان " الجميع " يعلم أننا أمام فساد ذمم غير مَسبُوق ..
وكان " الجميع " يعلم أن هذا الإتحاد يعرف كيف يبتكر الخراب ؟..
وكان " الجميع " يعلم أن هناك عناصر متلافة فى هذا الإتحاد تقوم بدور المُجرم فى صناعة تاريخ رياضة كرة القدم المصرية ..
وكان الأخطر أن تصبر " الوطنية المصرية " على الخطأ بوصفه صوابًا ، ولا تستأصل الداء بدوائه وإنما تُغَيّره بداء آخر أشد ..
وهى تعلم أنه لن يرحمنا التاريخ ..
ولشد ما أخشى أن نكون الأمة الوحيدة التى يُكَرر فيها التاريخ نفسه ، ذلك أن التاريخ لا يُكرّر نفسه ، وإذا فعل فهو فى المَرَّة الأولى صانع " دِرَاما كبيرة " ، وهو فى الثانية صانع " مهزلة " والمهازل لا تحتاج إلى أوصاف تقيس حجمها ..
يجب ألا نكتفى بإستقالة هؤلاء اللصوص وأنما تأخذ التحقيقات مجراها حتى يستقم ميزان العدالة المائل ، ذلك إن أسوء ما تبتلى به أمة من الأمم أن تصاب فى " روحها " ، أو يسرق منها " حلمها " ! .
اذا كان غياب الحساب خطأ فى نظر القانون ، فإنه جريمة لا تغتفر فى حق التاربخ ..
ظنى أن الجماهير العظيمة بحسّها التراجيدى لن تترك لصوص الجبلاية تهرب بغير عقاب ، ان هذه الجماهير نفسها تعلم أنه بوجود هذه العناصر المتلافة على مقاعدها يعنى اننا لن نتجاوز المحنة ، بل ولن نقترب من نُقطة الوُصُول أبدا .
أن هذه الجماهير الكريمة الآن تتمزَّق صبرً وأن الصبر لم يبق له مجال يحتمل الإستمرار ..
لقد كان محزنًا ومؤسفًا معًا أن غَاب عن " الجميع " :
أن الوسائل الرَّدِيئة لا يُمكن أن تَخدِم غَاية نَبِيلَة ..
يبقى صوت إبنتى المخنوق بالدموع يقول :
مش مهم بكرة " مصر " لازم هتكسب تلك هى :
" لقطة البطولة " ..