مقالات
ا لمِلاحَةُ فى بُحُورِ مُضطَرِبَة
الدكتور محسن عبد الخالق: ليست هذه قصة من صُنعِ الخيال أو هى مُجَرَّد ذِكريات الطفولة وما بعدها قبل المراهقة ، وإنما هى " تَجرِبَة حَيَاة " عشت وقائعها وأحداثها إيقَاعًا ، ونبضًا ، وحِسًّا ، وأنا أصعد سلالم العذاب صُعُودًا إلى مَجَرَّات الحُلم . هى رحلة لها مقاس بعد خطوة لها مقاس آخر ، وهى عَملية بناء حَجر يقوم فوقَ حَجر ، وطابق يرتفع على طابق تحته ، أيامَ كنت أحاول أن أحفُر لنفسى موقعا وأساسًا فى اللغة حتى يكون البناء المنطقى لما سوف أقول راسيًا وراسخً .
وهى كذلك مشاهد حَيًّة آثرت أن أختار لك بعضها من كتابى الأخير " المِلاحَةُ فى بُحُورِ مُضطَرِبُة " لكى تتعرف على طبيعة الجسر الذى قررت السير عليه ، كل مشهد يحتوى على لقطات ، وكل لقطة متمّمَة لما قبلها ممهّدة لما بعدها ، فإذا أنت رأيت الستار ينزل فإنه يكون قد نزل على مشهدِ لا يلبث أن يرتفع بعده ليظهر وتتحرك ابتداء منه واتصالاً به مشاهد أخرى . أستَاذِى الأوُّل ..
( ٢ ) هذه بعض مشاهد رأيت أن أقدّمها هُنَا لأحبابى قبل قُرَّائى إعترافا وتقديرا لؤلئك الذين مَنَحُونِى ما لا أستطيع أن أفى بحقه ولا أعرف كيف أعبر لهم عن عرفانى بالفضل ، فأمام عَطفهم ورعايتهم يعجز كل قلم ، وينعقد أى لسان ، ولقد كنت أعتبر نفسى ومازلت سعيد الحظ فى أساتذتى ، وأصدقائى ، وكتبى ، وقبل ذلك شقيقى المهندس " عبد المجيد عبد الخالق " – رحمه الله – " أستاذى الأول " الذى كان أول من عرّفنى على شكل حروف الأبجديَّة ، وكيف أنطقها نُطقًا صحيحًا وأنا مازلت طفلًا صغيرا يتعثر فى قِراءتها ، وهو أول من أضاء عقلى ، لولا هذا الأخ النبيل والأستاذ العظيم المهندس عبد المجيد عبد الخالق لإنحصر الضوء أمامى ، وما كنت أنت أيها القارىء الكريم قد عَرِفت أو تَعَرَّفت على هذا القلم ، ولا كنت قد قرأت هذه الكلمات التى تقرأها الآن ، فما أنا إلا من غرس يديه ، كما كان من نِعَم الله وفَضله علىَّ أن مَنَحنى هذه الزّوجَة العظيمة التى لم أعرف لها فى الحياة نظير ، تلك الرائعة التى أرى الأشياء بعيناها ، وهى التى كثيرًا ما أعودُ إليها لأشحن نهارى من نُورِها ، فهى زوجة مُضِيئة ، وهى التى أشعر وأنا أكتب أن يَدها لا تُسَانِدُنى فحسب ، وإنما يَدَها تعزف إلى جوار يَدى ، هذا ويزداد كَرم ربِى سُبحَانه وتعالى عَلَىَّ بأبناء هم عِزى، وفخرى ، وثمرة جِهَادِى الذى أزهُو به فى الحياة وتلك من نعم الله .