المرأة والصحة
فقدان الثقه في المقربين وكيفية التغلب عليه
غاده منصورتعتبر الثقة بين الناس الركيزة التي تقوم عليها العلاقات فيما بينهم، ولا يمكن لها أن تنجح وتتوطد وتزداد درجتها إلا بالشعور بالراحة والثقة تجاه الآخرين، ويتفق الكثير في يومنا هذا على أن هذه الصفة أصبحت قليلة الوجود ونادرة في التعاملات، وسنقف في هذا المقال عند أسباب ذلك وطرق الحلول المطروحة لعلاجه.
تُعرف الثقة في علم الاجتماع على أنها الحالة التي يكون معها الشخص واثقًا من مكنونات وكفاءة شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص، وهي لا ترتبط بالضرورة بثنائية الصواب والخطأ وإنما تضمن عدم الشك بنوايا الشخص المؤتمن في الفعل والقول، وهي رديف لعدد من الكلمات كالولاء والوفاء وعدم الإخلاف بالوعود والحرص على المساندة وعدم الخذلان.
عدم الثقة في الناس الثقة في الآخرين أمر إيجابي فهو يعني حسن الظن فيهم والاتكال عليهم وانتظار الشيء الجيد منهم، وجميعها تتوازى مع انخراط الفرد في مجتمعه والانصهار معه بما يشبع جانبه الاجتماعي ويوسع من قاعدة علاقاته ويعمّقها، ولهذا يعتبر انعدام الثقة في الناس أمرًا سلبيًا لأنه يُفقِد الفرد شعوره بالأمان تجاه مجتمعه بالإضافة إلى الإحباط والرغبة بالانعزال عنه.
وقد تتفاقم الأمور عندما تكون التجربة الشخصية التي خاضها الفرد قاسية الوقع عليه ومن أشخاص مقربين منه للغاية، مما يعني ضررًا أكبر على نفسه وأثرًا أعمق في روحه، وهذا يجعله غير قادر على تكرار الأمر فالجميع سيصبح موضع شك واتهام وغير مؤهل لثقته المطلقة وهو ما سيخلف الخوف من العلاقات والبدايات الجديدة إلى أجل قد يطول.
أسباب عدم الثقة في الناس العديد من الأسباب قد تقف وراء فقدان الثقة في الناس والابتعاد عنهم، ومنها:
انعدام الفضائل والأخلاق في المجتمع وتراجع تأثيرها ودورها في بنائه، فبدل أن يكون الحب والوفاء والإخلاص هي الصفات المفتاحية الهامة في أي شخصية حلت محلها صفات الأنانية والغدر وحب الذات.
انعدام تأثير الوازع الديني الذي لطالما كان مربيًا ورادعًا للنفس عن خيانة ثقة الآخرين والإضرار بها، فمن كان حريصًا على تغذية عقله وروحه بالأسس الدينية الصحيحة سيعي تمامًا أهمية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن من أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا".
الشك من الصفات البشرية الطبيعية لدى أي شخص، فهي تولد لديه الأسئلة والبحث عن الإجابات والحصول على المعلومات عن كل ما يثير الفضول من حوله، إلا أن هنالك نوعًا سلبيًا من الشك في حال زاد عن الحد الطبيعي وهو يتعلق بالفرد نفسه لا بالناس، إذ من الممكن أن يحرم الإنسان نفسه من صداقة الأخيار لشكه الدائم بهم رغم براءتهم من شكوكه المبالغ فيها.
المرور بتجربة شخصية سيئة النتائج مع صديق أو قريب أو زميل في العمل بسبب الخيانة ستكون سببًا رئيسيًا لعدم تكرار التجربة وتعميم صفة الخيانة على الجميع. استعادة الثقة في الناس الأصل في العلاقات هو الود والمحبة فالإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه لأن الخيانة والغدر والكره صفات دخيلة وسلبية يجب أن تتنحى وتتلاشى، لهذا على الفرد أن يسعى لاستعادة الثقة بالآخرين إذا شعر أنه فقدها، وفيما يلي بعض الوسائل التي قد تساعده في ذلك:
مراجعة العلاقات السابقة بعين المنطق والتعقل والوقوف عند الأخطاء والأحداث والأسباب التي أدت إلى تراجع الثقة للاعتبار منها في العلاقات الجديدة.
سعة الصدر في العلاقات والصبر على الآخرين دون التدقيق والتمحيص في تصرفاتهم مما يشعرهم براحة وأمان وثقة في العلاقة بعيدًا عن الشك والغدر.
توخي الحذر في العلاقات الجديدة والتأني في التعمق فيها ولا ضرر من إجراء اختبارات بسيطة تعكس وفاء الأصدقاء الجدد.
حصر شبكة العلاقات الوطيدة بنطاق صغير وتصنيفها إلى أقلية مقربين وأكثرية كمعارف. التخلص من الأفكار السلبية والنظرة التشاؤمية للآخرين وافتراض حسن النية في العلاقات معهم.