مقالات
كورونا تعيد التلاحم الأسري للمصريين
محمد عبد المنصفربما كان أهم ثمرة جناها المجتمع من أزمة فيروس كورونا المستجد، هو عودة التلاحم الأسري فقد فرضت الأزمة علي جميع أفراد الأسرة التواجد المستمر في المنزل، وأعادت بينهم الحديث الأسري الذي غاب عنا لسنوات في ظل سرعة أحداث الحياة اليومية، وانشغال كل فرد بمتابعة الفيسبوك والموبايل والمسلسلات وأصدقائه المقربين وزملائه في العمل.
فمن الجميل حقا أن أزمة "كورونا" قد قربت الآباء والأمهات من أولادهم ووفرت لهم الوقت الكافي للاستماع لهم، فهي بحق فرصة لاهتمام كل أب و أم بأبنائه وإعطائهم الوقت المناسب لفهم شخصيتهم والتقرب منهم و معرفة أهتمامتهم لتنميتها.
الأهم من ذلك أنها غيرت ثقافة المجتمع تجاه المقاهي والكافتيريات،والمخدرات،التي توقفت بشكل شبه كامل، ومن اللافت للنظر تراجع حجم الجريمة بشكل ملحوظ وتوقف وتيرةالحروب في العالم بصورة غير مسبوقة، بعد اعتقاد البعض ان القيامة قد قامت، مما دفع الانسان الي توقفه مع نفسه مبتعدا عن كل السلبيات، طالبا من الله السلامة والستر.
ولوحظ تحسن كبير في جودة الهواء نظرا لانخفاض حركة السيارات في الشوارع، وغلق بعض المصانع أبوابها، مما نتج عنه انخفاض معدل انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون في الجو، بل وارتفعت نسبة غاز الاكسجين في الهواء، أي أن الأرض قد استعادت جزءا من عافيتها..
والواقع ان أفراد المجتمع تعاملوا مع الأزمة بشكل مختلف، فمنهم من نظراليها نظرة استخفاف، منكرا وجود المرض أصلا، وهو فكر قائم علي الهروب من مواجهة الحقيقة بانكارها، فيما عاني الكثير من حالة فزع جعلتهم خائفون من كل شئ لدرجة انهم يعيدون غسل ايديهم كلما خرجوا الي الشارع خوفا من الإصابة بالمرض.
غير أن الأزمة أظهرت معدن المصريين الذي لا يظهر الا عند الشدة فقد تواصل الكثيرون مع جيرانهم وذويهم، وقام الكثير من الشباب بالإعلان عن استعدادهم لمد يد المساعدة في نقل المرضي الي المستشفيات و تلبية طلبات الأسرة التي تفتقر لعنصر الشباب او التي غاب عنها عائلها أثناء فترة حظر التجوال.
وبالتوازي مع هذه الايجابيات فقد كشفت الأزمة عن حاجة المجتمع لمراجعة نفسه بشان فلسفة تربية الأجيال الجديدة التي تميزت بضعف قدرتها علي مواجهة التحديات، عكس الأجيال السابقة التي واجهت سلسلة من الحروب الشرسة مع اسرائيل، كانت خلالها صلبة عنيدة في مواجهة المشكلات.
ومن المؤكد اننا في حاجة الي اعادة تقييم وسائل الاعلام، وتطوير مناهجنا الدراسية، واعادة النظر في فلسفة تاهيل رجال الدين عند تعاملهم مع الاولاد لاكساب شبابنا المناعة اللازمة لمواجهة صدمات الحياة، فالأزمات دائمة التكرار علي مر الزمان غير أن هناك شعوبا تخرج من ازماتها منتصره واخري ضعيفة تنكسر امام اقل التحديات.