مقالات
متي يستعيد النقل النهري عافيته
محمد عبد المنصفنجحت وزارة النقل أمس الأول في نقل 1800 طن قمح من ميناء دمياط، الي صوامع امبابة بالوراق، بواسطة 6 بارجات نهرية، حمولة الواحدة 300 طن، لتعيد للأذهان اهمية تأهيل مجري النيل لاستخدامه كمجري ملاحي، وهي الفكرة التي تطفو علي الساحة بين الحين والآخر ثم تخبو دون سبب واضح .
فكل الدراسات الفنية تشير الي اعتمادنا في نقل 93% من السلع والبضائع علي الشاحنات الكبيرة "التريلات-النقل بالمقطورة"، وسيارات النقل المتوسطة والصغيرة، فيما نعتمد علي النيل في نقل 6الي 7% من البضائع ، وعلي السكة الحديد في نقل أقل من 1% من البضائع المصرية.
اللافت للنظر أن النيل يقع في منتصف الكتلة السكانية تقريبا، بداية من خروجه من خزان أسوان شمال السد العالي، وحتي وصوله لمصبيه في دمياط ورشيد، كما أن أكثر من 50% من السلع المتبادلة مواد قابلة للتخزين، وفي مقدمتها مواد البناء كالطوب والرمل والأسمنت، والدهانات وأدوات السباكه والأدوات الكهربائية المستخدمة في انشاء أي تجمعات سكنية جديدة.
أضف الي ذلك أن كل الموانئ القديمة صممت علي أساس ربطها بحريا بنهر النيل، فهناك قناة طولها 4.5 كيلو متر تربط ميناء دمياط بفرع النيل، الذي يحتوي علي أرصفة يصل طولها الي 340 متر، وعمقها الي 5 أمتار، مجهزة لاستقبال الحاويات النهرية المعروفة باسم " الصنادل النهرية".
وكذلك ميناء الاسكندرية الذي تخرج منه قضبان لربطه بالشبكة الرئيسية للسكه الحديد،فضلا عن ترعة المحمودية التي تربطه بترعة النوبارية، وبالرياح المنوفي، مما يعني امكانية نقل السلع الواردة من الخارج عبرها الي القاهرة. الغريب في الأمر ان كل الدراسات تشير الي كل شاحنة تزيد حمولتها عن 70 طن تؤدي الي استنزاف عمر الأسفلت ، بما يعادل 128 سيارة ملاكي فيات او بيجو، وأن الحل الأمثل للحفاظ علي سلامة الطرق من الهلاك الدائم هو نقل السلع عبر السكه الحديد أو نهر النيل.
جهود عظيمة يقوم بها وزير النقل النشط كامل الوزير غير أن تغيير سلوك المصريين يتطلب إرادة مجتمعية ونهضة شعبية، لتغيير فكر المصريين في التعامل مع وسائل النقل، كان آخرها نجاحه في استقدام عربيات درجة ثالثة مكيفة لأول مرة في تاريخ السكه الحديد المصرية منذ انشائها عام 1854ميلادية.
وبقي أن يوجه جهوده تجاه النقل النهري الذي يعاني من ضعف اسطوله وتهالكه، وحاجته لانشاء صنادل جديدة، ذات حمولة عالية، نظرا لأننا لا نملك فعليا اسطول نقل نهري،كما لا توجد خطه لتشغيله، لتغطية تكاليف انشاء الخط البحري المنتظم،وهنا يمكن أن نعتمد علي السلع ذات الطبيعة القومية،كالقمح الذي تستورده وزارة التموين وتصل كميته في المتوسط الي نحو 6 ملايين طن سنويا، يتم توريدها بالكامل عبر ميناء الاسكندرية او دمياط، وكذلك الذرة الصفراء التي تستهلكها مصانع الأعلاف .
إن اكتساب ثقة المصريين في وسائل النقل المصرية امر ليس سهلا بعدما مضت عليهم اعواما كثيرة يسمعون فيها كلاما ولايجدون واقعا ملموسا، لاسيما في ظل تضارب المصالح بين حسابات رجال الأعمال والطبقات الكادحة التي تعاني من ارتفاع تكلفة نقل السلع والخدمات. وبحسب دراسات الجدوي الاقتصادية فان النقل النهري.
أرخص وسائل النقل غير انه في حاجة الي انشاء 25 ميناء بطول المجري من دمياط وحتي اسوان، وربطها بمرافق المحليات، لتفريغ الصرف الصحي بها، وتحميل مياه الشرب النقية منها، وكذلك توفير اسواق قريبة من تلك المواني لتلبية احتياجات العاملين علي هذه السفن من الغذاء.
والأهم من هذا وذاك تدريب الكوادر البشرية علي التعامل مع هذه الوسائل التي لم نتعود عليها منذ تقاعد المراكب الشراعية التي كانت تأتينا من الصعيد محملة بالزلع القناوي، اما الحاويات الجديدة فمن المؤكد اننا نفتقر للكوادر المدربة عليها ، ويمكن هنا التعاقد مع المدارس الصناعية علي تدريبهم لصالح شركات النقل بشرط العمل بها بعد تخرجهم بمرتبات مقبولة لضمان استمرارهم في العمل.