مقالات
الشتاء القارص.. والتضامن الإجتماعي
تامر حسنيربما كان شتاء هذا العام واحدا من أكثر الأعوام برودة وغزارة في أمطاره التي لم تتوقف علي مدار شهر نوفمبر، ووضح للمتابعين عن أن معدلات سقوط الأمطار علي محافظة الاسكندرية مثلا، يعادل عشرة أمثال الكميات التي تعودت عليها المحافظة علي مدي سنوات طويلة.
أما دور المحليات في التعامل مع الأمطار التي وصلت في بعض المحافظات الي حد السيول خاصة مطروح وكفر الشيخ ودمياط وجنوب سيناء، وبعض مناطق البحر الأحمر، فلا غبار عليه حيث استنفرت كل أجهزتها واستعان بعضها بسيارات كسح مياه من القوات المسلحة، ونستطيع القول بانها سيطرت علي الأمور وبقي الأمر الخطير الذي لا نتحدث عنه كثيرا .
الا وهو كيف سيواجه الفقراء ذلك الشتاء الصعب وهم يعانون من نقص الأغطية، ومن سوء المساكن التي يعيشون فيها، فضلا عن حاجتهم للعمل لاكتساب الرزق، ولعل أصعب مشهد هو جلوس النساء في الأسواق انتظارا لمن يشتري منهم ببضع جنيهات لن توفر لهم حتي ثمن رغيف خبز، أو طعام يقوي أبدانهم في مواجهة قسوة الشتاء.
يضاف الي تلك الأزمة هو هجوم الموجه الثاني من فيروس كورونا المستجد علي المجتمع، ما يؤكد ان هناك أسر فقيرة تحتاج إلى البطاطين تقيها شدة البرد، وهنا يأتي دور كل انسان يملك فائض مال يستطيع ان يدعم به المؤسسات الخيرية كصندوق تحيا مصر ومصر الخير ومبادرة اسمعونا و الأورمان الخيرية وبنك الطعام ،وكلها مؤسسات قائمة علي تجمعه من أموال المصريين لتلبية احتياجات الناس.
غير أن ذلك ليس كافيا بل ينبغي ان نمتلك عنصر المبادرة بالتفتيش عمن حولنا من الدوائر المحيطة بنا، ومد يد العون المباشر لهم، اعمالا لقوله تعالى "آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كبير" سورة الحديد، وكذلك قوله صلي الله عليه وسلم "من كان له فضل من مال فليعد به على من لا مال له"
وكان رسول الله علي الصلاة والسلام حريصا كل الحرص علي عدم كسر كبرياء اي انسان احوجته ظروفه الي السؤال، اعلاءَ لمبدأ أمره به الله في سورة الضحي"،ألم يجدك يتيما فأوي"، أي أنه أراد يذكره بانه كان يتيما ومع ذلك كانت رحمة الله تلازمه بحنان عمه ابو طالب عليه، الذي يفرق بينه وبين أولاده يوما.
اخيرا اذا كان تبسمك في وجه اخيك صدقه فكيف بمن ينقذ جاره او قريبه من وحشة الشتاء، وما يستلزمها من ملبس ومأوي ومأكل ، وربما علاج يكون دعما له علي هذه الحياة القاسية، التي لا تعرف رحمة ولا شفقة، نسأل الله العظيم ألا يحوجنا الا اليه وأن يقضي عن مديون ديونه وعن كل مُعثر عُثرته .