مقالات
وداعا للعشوائيات ..مرحبا بالاستثمارات الأجنبية
محمد عبد المنصفعانت مصر منذ الانفتاح الاقتصادي عام 1975 من عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في المشروعات الانتاجية واقتصرت استثماراتهم علي انشاء خطوط لانتاج الحلويات من البسكويت والشيكولاته وما علي شاكلتها، ولم نسمع طوال اربعة عقود اعقبت ذلك الانفتاح عن رجل أعمال يستهدف انشاء مشروعات تكنولوجية .
كان السر في ذلك ضعف البنية الأساسية لمصر فقد كان ترتيبها رقم 138 بين الدول في كفاءة شبكات الطرق، ووزحفت العشوائيات حول المدن بصورة مخيفة، نتيجة هجرة الكثيرين من القري للاقامة في المدن وبخاصة القاهرة والأسكندرية والسويس بحثا عن فرص عمل.
حتي وصل تعدادها الي 351 منطقة في العاصمة وحدها..مؤدية بطبيعة الحال الي انتشار الجريمة والانسان المشوه فكريا وخلقيا..لذلك كانت الشركات الاجنبية ترفض العمالة المصرية..أذكر عندما كنت طالبا بالجامعة.. أنني قد عملت باحدي مصانع انتاج العطور، وكان دورنا قاصرا علي انتاج "الاسانس"،أي مركز العطر.
فقد كانت الشركات الأجنبية رافضة تماما السماح لنا بانتاج البرفانات ذات السمعة العالمية، وعندما سالت الخبير الأجنبي، عن السر في ذلك أجابني بقوله كيف لانسان يعيش في العشوائيات ان يؤتمن علي انتاج برفان يقدر ثمنه بقيمة المنزل الذي يعيش فيه.
حتي وصل بنا الحال في مطلع الألفية الجديدة الي استيراد عمالة اجنبية من الخارج في بلد تعاني من البطالة غير انها عمالة ليست محل ثقة لضعف تأهيلها وانعدام الثقة في اخلاقيات العامل المقيم فيها مهنيا.
ربما لم يفهم الكثيرين الهدف من انشاء شبكة طرق عالمية ، ولا معني تقدم التصنيف الدولي للطرق في مصر من المركز 118 الي المركز 28 ، ولا الهدف من القضاء علي العشوائيات، وبناء 165 ألف وحدة سكنية وتطوير 298 منطقة عشوائية بتكلفة 41 مليار جنيه.في أحياء الأسمرات وبشاير الخير ومشروع أهالينا وتل العقارب وغيرها.
غير أن جذب الاستثمارات الاجنبية في مشروعات انتاجية تضيف للناتج القومي المحلي يستلزم امتلاك قاعدة قوية في البنية الاساسة من منازل وطرق ووسائل نقل، وعمالة مدربة علي مستوي عالمي حتي يقبل المستثمر الأجنبي الاستعانة بها والاعتماد عليها.
ولا شك انه بالقضاء علي العشوائيات التي يقطنها الشباب الذي يمثل العنصر الاساسي والفاعل في القوي العاملة، قد تغيرت لغة العالم معنا حيث نجحت مصر في جذب 9 مليارات دولار استثمارات اجنبية مباشرة خلال عام 2019، متفوقة علي دولة جنوب افريقيا التي لم تتمكن من جذب اكثر من 4.6 مليارات دولار.
وبالرغم من تراجع الاستثمارات الأجنبية عالميا عام 2020 لأقل من تريليون دولار بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد واضطرار كثير من الدول الي غلق حدودها ومنع الدخول والخروج منها واليها الا أن معدلات الاستثمارات الأجنبية ظلت في مصر حول المستهدف منها.
ساهم في ذلك انشاء مصر سلسلة من المدن الجديدة ،فى مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تم الانتهاء من تنفيذ 6068 وحدة سكنية وجار تنفيذ 13260 وحدة بها، ومن تنفيذ 178 فيلا، وجار تنفيذ 774 فيلا و تنفيذ 2920 وحدة بالإسكان المختلط،بخلاف أعمال المرافق التى يتم تنفيذها.
ربما غضب الشباب من اهتمام الدولة بمشروعات لاتعالج ازمة البطالة بصروة جذرية غير ان اقامة مشروعات عملاقة تستوعب هذه العمالة وتحقق لهم الأمان من غدر الزمان،وتسمح لهم بحياة كريمة لن يتأتي الا ببنية اساسية قوية، تقنع المستثمرين بان مصر في طريقها للتغيير نحو الأفضل.
فقد لا يشعر المواطن العادي ان اي مستثمر ياتي الي مصر يحرص علي قياس المسافة الزمنية التي يستغرقها الناس للوصول اليه، ومدي سهولة او صعوبة انتقالاته بين المدن وبعضها، لان البدائل حول العالم كثيرة والمنافسة عنيفة، والمسثتمر يبحث عن مشروعات تضاعف امواله، ولا يعنيه حل أزمة البطالة لأنه لم يأتي لاقامة مشروعات خيرية يستفيد منها الناس دون أن تحقق له عائدا ملموسا.