مقالات
الرياضة والتهميش الاجتماعي!!
د. محمود فوزيحاولت إحدي دراسات رأس المال الاجتماعي رصد وتحليل الدور الذي يمكن أن تلعبه الرياضة، كمحفز لتطوير الشبكات الإنسانية بين المواطنين بقرية "تشابو" الريفية الفقيرة، بمقاطعة "إيستر كيب" الجنوب أفريقية، وارتكزت الدراسة علي فرضية رئيسية مؤداها، اعتماد الفقراء علي الأصول الاجتماعية الناتجة من تشكيل روابط وشبكات إنسانية واجتماعية مع ذويهم، بشكل أكبر كثيرًا من الاعتماد علي الأصول الإنسانية التي تتطلب موارد مادية ومالية مثل: التعليم، والصحة، وإقامة المشروعات، والاستثمار في مهارات وخبرات الموارد البشرية.
وتوصلت الدراسة إلي لجوء الفقراء إلي ممارسة واحتراف الرياضة والترقي الوظيفي بها، باعتبارها وسيلة بارزة لتشكيل رأس مال اجتماعي، يمكن استثماره في كسب الرزق، والشعور بالثقة والتقدير الاجتماعي من قبل الأطفال وأولياء الأمور والأسر واللاعبين، كما يعتبر النادي الرياضي- في سياق البطالة والفقر المدقع- مظهرًا مهمًا للترابط والتمكين الاجتماعي، وتشجيع الأعمال التطوعية المستدامة بين الشباب والاستثمار فيها علي المدي الطويل .
في المقابل وعلي النقيض تمامًا كان لأعضاء النوادي الترفيهية والرياضية اتجاهات مختلفة نحو جاءت مكونات رأس المال الاجتماعي، متمثلة في حاجتهم إلي الشعور بالود والألفة، ورقي التعامل، والثقة المتبادلة مع ذويهم، من خلال تمتع أعضاء النادي بالوفاء وإنكار الذات ورد الجميل، وتقديم مختلف سبل المساعدة والدعم وإن تطرق الأمر لشئون شخصية؛ كإقراض الأموال ورعاية الأطفال لذويهم من الاعضاء، فضلًا عن تبني مؤشرات الإدارة غير المركزية، بأن يتيح النادي لأعضائه حق التشاور في القضايا والموضوعات، والتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم وإبداء مقترحاتهم، بل وإشراكهم أيضًا في عملية اتخاذ القرارات.
ولعل اختلاف اتجاهات كلا الفريقين، يفرض علي المجتمع ضرورة إحياء مفهوم "الرياضة للجميع" في إطار خطة استراتيجية قومية لا تعترف بالشعارات الجوفاء، بل تعترف بالمساواة في ممارسة أنماط الرياضة المختلفة بين الغني والفقير.
ولعل عودة الرياضة المدرسية بشكل ممنهج، والتوسع في إنشاء مراكز الشباب والأندية الرياضية متباينة المستوي هو أحد مظاهر هذه الإستراتيجية التي وإن لم نلتفت إليها صارت قنبلة موقوتة توشك علي الانفجار نظير الزيادة المتنامية لشعور عدد كبير من المواطنين بالحرمان والتهميش الاجتماعي .