مقالات
سر البطالة في أفريقيا
محمد عبد المنصفترجع جذور مشكلة البطالة في قارة أفريقيا الي تدني مستوى خريجي الجامعات الأفريقيه،وعدم تأهيلهم لسوق العمل حيث يقدر عدد الجامعات في القارة بنحو ٧٤٦ جامعة لم يدخل منها ضمن التصنيف العالمي للجامعات سوي ٦جامعات بدولة جنوب أفريقيا وثلاثة بمصر وجامعتين بالمملكة المغربية وجامعة وجامعة واحدة بكل من نيجريا وغانا وأوغندا وكينيا.
ولكي تقوم الجامعات الأفريقية بدورها في تأهيل الشباب لسوق العمل فلابد من تستوعب كل واحدة منهم ٢٠٠ الف طالبا سنويا وهو أمر مستحيل،مما يعني أننا في حاجة إلي انشاء ضعف هذا العدد من الجامعات حتي عام ٢٠٦٣.
الغريب أن افريقيا تمتلك ١٥٢٢مؤسسة تعليمية خارج الجامعات تخرج شبابا لا يملك سر الصناعة أو التجارة أو الزراعة،لذلك تظل القارة عاجزة عن تحويل مواردها الخام الي منتجات قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية ولابد من ضخ استثمارات ضخمة في التعليم الفني والجامعي لتعليم اولادنا سر الصناعة.
وفي ظل ضعف مهارات الشباب الفنية فمن الطبيعي أن يعمل٨٠ % من القوي العاملة في قطاع الزراعة التي لا تتطلب مهارات خاصة حيث لوحظ أن ٦٠% من الأطفال في شرق وجنوب أفريقيا لا يلتحقون بالتعليم، بسبب الفقر وعدم توفر المدارس القادرة على استيعابهم، ولابد لدول القارة من صحوة مجتمعية تتضمن دورا كبيرا للاعلام لشرح ابعاد المشكلة وتحويل تركيز الآباء من تعليم أولادهم بالجامعات الي التعليم الفني،خاصة صناعة البناء وورش الخراطة والكهرباء حتي يقبل الاولاد دون سن السادسة عشر علي الالتحاق بهذا النوع من التعليم بدلا من الهرولة نحو التعليم الجامعي الذي ينتهي بهم الي سوق البطالة لا الي سوق العمل.
ان أكثر من ٩٠% من الأراضي الزراعية في أفريقيا تعتمد في ريها علي مياه الأمطار وتحتاج لمشروعات قومية للتحول الي نظم الري الدائمة،وادخال التكنولوجيا الحديثة في عمليات نقل وتداول وتخزين الحاصلات الزراعية التي يقدر حجم الفاقد منها بنحو ٣٠% من المحصول نتيجة الاعتماد على الطرق البدائية في إدارة المزارع
ويؤكد كل خبراء الاقتصاد علي أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في, إنتاج مكونات الصناعات الثقيلة و زيادة حجم التجارة البينية بين دول القارة من ١٦ % الي٥٣%بحلول عام ٢٠٦٣وخفض حجم الاستيراد وزيادة الصادرات للأسواق العالمية، لاسيما وأن ٩٥% من شباب أفريقيا يعملون في وظائف غير رسمية نظرا لعدم قدرة الشركات الكبرى علي استيعاب القوي العاملة من الشباب الذين يضطرون الي القبول بفرص عمل متدنية كمصدر للرزق، وبخاصة في شمال أفريقيا.
ولعل الخطر الحقيقي الذي يواجه التنمية في أفريقيا هو هجرة الكوادر البشرية خارجها،حيث أوشكت القارة أن تصبح مجرد مزرعة لتفريغ الخبرات التي تستنزف موارد الدول الفقيرة في تاهيلها لسوق العمل فإذا ما امتلك أحدهم خبرة عالميه هاجر لاحدي الدول الأجنبية تاركا بلاده في مشاكلها المتراكمة.
ولابد من أن تغير الحكومات فلسفتها في التعامل مع الكفاءات الوطنية لمنع هجرتها الي الخارج وان تغير من إسلوب الحوار مع الشباب الذي يشعر داخلة بالذل وهو يبحث عن مجال للرزق مما يجعله عاجزا عنو الإبداع فهناك في مصر ٦ملايين موظف يعملون بالقطاع الحكومي،يستطيع مليون واحد القيام بكل الأعمال المطلوبة منهم بكفاءة أعلي، لكن الجميع يبحث العمل الحكومي خوفا من مذلة السؤال.
وهناك ٢٢مليون يعملون في القطاع الخاص الذي قد يفاجئهم في أي لحظة بصدور قرار الاستغناء عنهم فيما يعمل الباقي في المشروعات الصغيرة بدون تأمينات اجتماعية، أو تدريب حقيقي لتطوير مهاراته،وهنا يأتي دور الغرف التجارية واتحادات الصناعات في تنظيم برامج احترافية للشباب تجعل سوق العمل يبحث عنهم بما يمتلكون من مهارات إبداعية غير نمطية فالإنسان الذي يخشي من البطالة لا يمكن أن يكون مبدعا فالفقر لا يلد فنا وانما يلد عشوائية نعاني منها في كل جوانب الحياة