مقالات
المشروعات الصغيرة قاطرة التنمية في مصر
محمد عبد المنصفمن المؤكد أن الصناعات الصغيرة لعبت دورًا محوريًا في النهضة الاقتصادية التي شهدتها دول شرق آسيا وبخاصة الصين والهند، ذلك أنها تستوعب عمالة كثيفة ذات مهارات محدودة وبتكلفة قليلة، ولكنها تقدم منتجات يدوية تلقى رواجا في الأسواق العالمية.
فما زالت صناعة الغزل والنسيج في مصر والحفر على المعادن والمشغولات الصوفية وإنتاج السجاد اليدوي، وصناعة الملابس وإنتاج الحرير، وغيرها تعتمد أساسا على العنصر البشري، ولدينا عمال مبتكرون قادرون على التجديد والتنويع في الموديلات غير أنها تحتاج دعما أكبر من الدولة.
وفي مقدمة ذلك تدريب أصحاب تلك الصناعات على تطبيق آليات الجودة في جميع مراحل التشغيل والإنتاج، ضمانا للحصول على منتج قابل للمنافسة عالميا، ووضع خريطة جغرافية لتوزيع هذه الصناعات على مستوى الجمهورية بناء على مدى وفرة المواد الخام، وتوفير قنوات توزيع وتصدير مستمرة، لمنتجات تلك الصناعات فالتسويق دون شك أساس التوسع في أي صناعة وإلا أغلقت أبوابها.
يأتي بعد ذلك أهمية التخطيط لإنشاء مناطق صناعية مجمعة بعيدا عن التجمعات السكنية، وتوفير القروض الميسرة لهؤلاء المستثمرين بأقل فائدة وأكبر تيسيرات ممكنة، مع إلغاء ضريبة المبيعات على منتجاتهم وخفض الجمارك على الآلات التي يتم استيرادها لاستخدامها في تلك الصناعات.
ومن الضروري مساعدة أصحاب تلك المشروعات في اكتساب المهارات اللازمة لنجاح مشروعاتهم وفي مقدمتها مهارة التحدث واللباقة، مهارة التفاوض والتعاقد، مهارة التفكير المنطقي، مهارات الإبداع والقدرات التخيلية، مهارة القيادة التحولية حسب الموقف، القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات، مهارات الاتصالات الفعالة على جميع المستويات الإدارية، مهارة القدرة على التأثير في الآخرين، مهارة القدرة على اقتناص الفرص السوقية، مهارات الإدارة، مهارات تسويقية والتفوق على المنافسين بفروق جوهرية.
وهي مهارات يمكن أن تتولي الجامعات الإقليمية، إكسابها لأصحاب المشروعات ومساعدتهم في عمل دراسات جدوى لتحديد أرقام المبيعات المتوقعة والأرباح والمناطق التي يجب التركيز عليها في التوزيع والبيع، ومدى إمكانية تصدير المنتجات وإلى أين يمكن تصديرها وعدد العمالة المطلوبة للعمل الفعلي لتشغيل المصنع وقيمة أجورها المتوقعة ومهارتها.. إلخ من عناصر دراسة الجدوى الاقتصادية التي تعتبر أساس نجاح أي مشروع.
ومن المقومات الأساسية التي تجعل الصناعات الصغيرة ذات طابع دولي ولها كيان مميز بين المصانع الأخرى، دعمهم من أجل إنشاء كيان مجمع لكل مجموعة تنتج نفس النوع للتنسيق فيما بينها لفتح أسواق خارجية، وتوفير متطلبات هذه المصانع طوال فترة تشغيلها بأقل سعر ممكن.
كما تعني تلك الكيانات المجمعة الفرصة أمام المشروعات الصغيرة كي تقوم باستئجار بعض الخدمات أو الأصول بدل من شرائها واستنزاف الأصول دون داعي وهو ما يطلق عليه استئجار الخدمة أو الاستئجار المالي وهو أسلوب تمويلي أفضل من الاقتراض التي يتبعها فوائد عالية على القروض البنكية، ترهق الصناعات الصغيرة من حيث الإجراءات المطولة للحصول عليها، وعدم موافقة البنك على إقراضهم بسبب ضعف قدرة هذه الصناعات على السداد في المواعيد المحددة لاحتمال تعثرها ماليا.