مقالات
نهي الرميسي تكتب لـ عارف 24..فى ذكرى العبقرى الدكتور مصطفى محمود
نهي الرميسيفى أيامنا هذه عندما يصفون كاتبا أو مبدعا فى أى مجال بأنه قريب من أسلوب الشباب وحياتهم، نجده للأسف وصفا غير دقيق فى كثير من الأحيان، لأنه يأخذ منحى متدنيا عطفا على فهم خاطئ للغة الشباب ومزاجهم، فيجافى كثيرا الفهم العميق لعقل الشباب الوثاب وتطلعاتهم الفكرية المتطورة ، بل يجافى الأهم ألا وهو التكئة المنهجية التى ينبغى أن يرسمها ذوو الخبرة للأجيال الشابة الجديدة، وهذا الأمر أصبح شبيها بالجملة الشهيرة (الجمهور عاوز كده) فى حين أن الواقع أثبت عكس ذلك فلا(الجمهور يعوزه هذا، ولا الشباب يعوزه ذاك) ولدينا أكبر مثال على وعى الشباب الذى بنى عليه الراحل الدكتور (أحمد خالد توفيق) قاعدته الشعبية الشبابية.
أقول هذا فى مناسبة الذكرى الخامسة عشرة لمفكر وأديب وفيلسوف، مَثّلَ فى مرحلة مهمة من مراحل أمتنا قِبلةً للشباب، هو الراحل د. مصطفى محمود بلقاءاته المتلفزة وكتبه الثمانين وسيرته العطرة.
وحين أقول أخذ بيد الشباب وكتب لهم، لايعنى هذا أنه كان بعيدا عن الفئات الأخرى من القراء ،بل كان ومازال من أهم أعمدة الفكر العلمى الأخلاقى، وربما لاحظنا جميعا كيف تنتشر كلماته الحكيمة على وسائل التواصل، وتسرى مسار الحكمة بين الناس،وإنما ليس كل ما يُكتب يَروجُ بين الشباب نظرا لفكرهم المتمرد الثائر، ولذا فهم أولىٰ بالخطاب الأدبى والإبداع المستنير المتميز ، وخاصة إذا تفوق هذا الخطاب كما كان متفوقا على يد أحد عباقرة عصرنا الدكتور مصطفى محمود رحمه الله.
فهو الذى شكل وعى الشباب المأخوذ بطوفان العلم والتكنولوجيا الغربية فى أوج مواجهاته المباشرة معها، وتوَهُم الصدام بينها وبين الدين كما صدره لنا الغرب بغلافه اللادينى ،فقام الراحل بفض تلك الأغلفة البراقة وسلط عليها كشافات الحقيقة الكونية الإلهية لتدمغها، وظلت أقواله خالدة نافعة على مر الأجيال، وظل منهجه الأخلاقى العبقرى فى فهم الدين والعلم والحياة فهما صحيحا يجيب عن أسئلة جريئة ظنها البعض من المحذورات، فعلّمنا المعنى الدقيق لما جاء فى الحديث الشريف" إن هذا الدين متين".