فن وثقافة
واقعية الأدب العربي والمركزية النقدية
د.نعيمة عاشورواقعية الأدب العربي والمركزية النقدية
إطلالة معرفية على مكتبة الاطلاع بالمجلس الأعلى للثقافة
د.نعيمة عاشور
جدير بطلاب العربية وباحثيها والمهتمين من القراء والدارسين والمتابعين من كل مكان أن يلتمسوا في كلام أفصح من نطق بلغة الضاد معالم طريق لمختلف الدراسات في فنون القول الكلامية والبلاغية والأدبية والنقدية المختلفة وأن تكون لهم وقفة بل وقفات متأنية متأملة في هذه المقاربات النقدية وتتبع الغايات التي تسعى إليها لهذا كان تركيزنا منصبًّا على الاهتمام من خلال عرض العديد من هذه المداخل والمقاربات النقدية.
إذ تسعى هذه العناوين إلى تقديم إطلالة موجزة على أهم الدراسات النقدية وبعض الدراسات السردية القصصية والرواية التي ترتكز على الفروع ذات العلاقات التباينية وهي في كثيرها جزء لا يتجزأ من السياقات الاجتماعية فضلا عن اهتمامها بالكشف عن كشف العلاقات الأيديولوجية الكامنة داخل هذه السياقات الاجتماعية.
الرواية المخابراتية
تكتسب الرواية المخابراتية أهميتها من عدة مصادر، لعل في مقدمتها أنها رواية قضية، تبرز الصراع الدائر بين المجتمعات الإنسانية الذي يعد ركنًا أساسيا في بناء أحداثها، وهو صراع يتشكل من بواعث عدة، كحفاظ تلك المجتمعات على أمنها ودرء المخاطر التي تهددها وحماية مصالحها المشروعة، أو رغبة بعض القوى الاستعمارية في فرض الهيمنة والاستحواذ وتحقيق مطامعها التوسعية.
أو التأثير في سياسات الدول وقراراتها الذي يمكِّن منه اختراق أمنها المعلوماتي والوقوف على مواطن القوة والضعف لديها، ومن ثم فهو أدب يُظهر معه الصراع الحضاري القائم بين القوى المتنافرة والاستجابة للأطماع البشرية التي ستبقى تهديدًا لمفهوم التعايش الإنساني.
ويسعى الكتاب في محاوره المطروحة إلى رصد مسار تلك الروايات ونشأتها في حركة الإبداع العربي والبحث عن خصوصيتها، وحدود العلاقة بينها وبين بعض الاتجاهات الروائية الأخرى، وما يتوفر لها من رسائل تتجاوز بها مجرد تحقيق المتعة الفنية لجماليات الإبداع، ورصد ما يقف أمامها من معوقات الحضور في ساحة الإبداع العربي.
من عيون القصة المصرية
(مختارات قصصية)
في ثلاثة مجلدات
وكان مما جاء في مقدمة الكتاب ومعنونًا بـ: (قصة هذا الكتاب .. بانوراما القصة المصرية القصيرة) بقلم خيري شلبي.
ذاكرًا أنه حينما تحمست لجنة القصة لإقامة أول ملتقى دولي للقصة القصيرة يعقده المجلس الأعلى للثقافة، وأنه بعد أن وافقت الأمانة العامة للمجلس بصفة مبدئية، وفي انتظار الموافقة النهائية لمعالي وزير الثقافة شرعنا في الحال نفكر في مطبوعات خاصة بالملتقى، وكنت منذ وقت طويل مضى أفكر في كتاب يضم بين دفتيه مختارات من عيون القصة المصرية القصيرة.
بل لقد عرضت الفكرة على أحد الناشرين فوافق عليها وشرعت بالفعل في كتابة مقدمة أربط فيها بين هذه القصص جماليا وموضوعيا ذلك أن تاريخ القصة القصيرة في الأب المصري عريق وحافل بالمنجزات الفنية السامقة أسست لهذا الفن البديع في الأدب العربي الحديث، أنجزها رواد عشقوا ها الفن وأخلصوا له:
محمد ومحمود تيمور ومحمود كامل المحامي ويحيى حقي ومدرسة الواقعية منه وأحمد خيري سعيد ومحمود طاهر لاشين وعيسى عبيد وحسين فوزي ناهيك عن توفيق الحكيم وطه حسين ومحمود البدوي وأمين يوسف غراب وصلاح ذهني ويوسف جوهر وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وإبراهيم المصري وإبراهيم الورداني وسعد مكاوي والشرقاوي والخميسي ناهيك عن نجيب محففوظ ثم يوسف إدريس وصلاح حافظ ويوسف الشاروني ومحمود السعدني وإدوار الخراط وفهمي حسين وصالح مرسي وعبد الله الطوخي وصبري موسى وسليمان فياض وفوزية مهران وأبو المعاطي أبو النجا، ثم تناول ذكرا مطولاً لأعلام جيله المتميزين في القصة القصيرة أيضًا.
هذه المختارات .. هذا البستان
هكذا كان عنوان مقدمة هذه الأجزاء للكاتب الأستاذ الدكتور/ حسين حمودة مبينًا أن هذه المختارات "من عيون القصة المصرية" تضم قصصًا تجتاز رحلة طويلة على مستويات: الزمن والتناولات والتوجهات الجمالية جميعًا على مستوى الزمن تقطع القصص مسارًا يمتد فيما بين العقد الثاني من القرن الماضي وهذا العقد من هذا القرن.
وعلى مستوى التناولات تعبِّر هذه القصص عن أهم الانشغالات التي اهتم بها كتّاب القصة المصرية خلال فترة ممتدة، متأثرين بما طرح فيها من قضايا وتساؤلات وهموم اتصلت بتغيرات لا حصر لها، تتعلق بوضع الإنسان في واقع متعين، محدد، وربما محدود، لكنه موصول بالوضع الإنساني كله.
وعلى مستوى التناولات الجمالية تجسد هذه القصص الانتقالات والنقلات الأساسية في تطور فن القصة القصيرة المصرية، منذ بداياتها الفنية الناضجة مع تجربة محمد تيمور (صاحب القصة الأولى تاريخيا في هذه المختاراات) مرورًا ببعض نتاج "المدرسة الحديثة" ثم بما ارتبط بـ"الاجتهادات" و"القفزات" الفنية التي اقترنت بتيارات وبأسماء مثّلت علامات كبرى باتت معروفة في تاريخ الفن القصصي المصري.
طه حسين
مستقبل الثقافة في مصر
ونحن أمام طبعة جديدة من كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" علينا أن نتوقف عند الكلمات التي ختم بها طه حسين كتابه قائلا:
"فإن مصر التي انتصرت على الخطوب وثبتت للأحداث وظفرت بحقها من أعظم قوة في الأرض في هدوء وأناةٍ وثقةٍ بالنفس وإيمان بالحق، خليقةٌ أن تنتصر على نفسها وتظهر على ما يعترض طريقها من العقاب وترد إلى نفسها مجدًا قديما عظيمًا لم تنسه ولن تنساه".
ونتساءل هكذا كان الحلم وكان الأمل، فتُرى أين نحن منهما بعد مرور خمسةٍ وثمانين عامًا؟
يعد كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" الذي صدر عام 1937 مرجعا مهما في التربية ومصدرا رئيسا لإصلاح نظام التعليم والتأكيد على مبدأ ديمقراطية التعليم، فعندما يصبح التعليم حقا للجميع وعندما تنمحي الأمة في المجتمع ويتحقق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية عندئذ توجد التربة الخصبة التي تبذر فيها بذور المعرفة، وتسمح بإعداد جيل من المثقفين والعلماء الذين يثرون الثقافة ويقدمون للمجتمع ما هو نافع ومفيد.
فاتحة للسندباد
وقد قال عنه الكاتب والناقد الدكتور/ السيد الفضل رحمه الله عن فاتحة للسندباد أنه بمثابة محاولة متميزة للخروج من نمط القص الكلاسيكي والمألوف الذي شاع في بدايات المؤلف وبايات الكثيرين من أبناء جيله، فسريعًا ما أدركوا أن المشكلة في القصة القصيرة أكثر من أن تكون محض رسالة، فهناك الشكل وتقنياته التي ينشغل به المتلقي والناقد، ولقد كتب المؤلف الدراما وأجادها، وها هو يوظفها في هذه المجموعة التي تبدو بعض نماجها كأنها مسرحية ذات فصل واحد.
المؤلف أفاد –كبعض أبناء جيله- من الفنون الحديثة والمعاصرة، واكتسب بالمران خبرة تشكيل المشهد السينمائي والدرامي والتشكيلي والموسيقي وقد أضفى كل هذا عصرية على النصوص، ودفع بها إلى مشارف واقعية جمالية دون غموض وارتباك.
عرف المؤلف أن القارئ المعاصر مشغول بقضايا الوطن فشغل بها واستثمرها ووظفها ونجد صدى ذلك حاضرًا هنا، وكما أن التجريب وقور ورزين وينبو عن الغامض والزاعق والمرتبك فإن تناول المؤلف لما نسميه القضايا الخلافية في الشارع المصري وقور ومنحاز للوطن.
ظاهرة الزمن في الشعر العربي القديم
إن أقصى ما يؤرق الإنسان هي تلك الديمومة الأبدية التي تشعره دائمًا بانقضاء حياته أمام حدثان الزمن، وهذا ما جعله يظن أن للزمن قوة قاهرة تهيمن على الحياة، وتستهلك كل إنسان رغم محاولاته المتعاقبة الهادفة إلى السيطرة على ما حوله من ظروف وأحداث، لذا، وقف مبهورًا أمام سيلان لحظاته المتلاحقة المتدفقة.
إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يشعر شعورًا واعيًا بالزمن من ديمومته وسريانه وتدفقه، كما أنه يشعر في آن بالفقدان في أثناء سريان الزمن، ولذا كانت تجربته بالزمن تجربة أليمة لأنها تشعره دائما بتناهيه وانقضائه، الأمر الذي دفع العلماء والفلاسفة –قديما- إلى دراسة الظواهر الدورية للزمن وإيجاد علاقات بينهما (كتعاقب الليل والنهار – وفصول السنة والدورة القمرية) ولا يزال العلماء يحاولون اختراع أساليب وأجهزة أكثر دقة لقياس الزمن.
القراءة الثقافية
القراءة الثقافية هي تلك التي تتجه إلى النص تتأمله بهدف رده إلى الأنساق الثقافية التي تدخلت في إنتاج خطوط الدلالة، سواء تلك الخطوط الطولية التي تتحرك بالمعنى إلى الأمام، أو تلك التي تفسح الطريق أمامه، ومن هذه وتلك يتحقق ما نسميه (المعنى التكاملي) وهذه الخطوط الطولية تتعانق مع الخطوط الرأسية التي تحفر في الدلالة للوصول إلى منابعها العميقة أو المضمرة، أي الوصول إلى الطبقات الثقافية المترسبة في هذه الأعماق.
أماكن نجيب محفوظ
يمثل المكان مدخلا سهلا قريبا ومهما في الوقت نفسه إلى عالم نجيب محفوظ يقترح هذه السهولة ويستدعي هذا القرب وهذه الأهمية، وربما يقوى بهما ذلك الحضور اللافت المتنوع للأماكن التي توقف عندها نجيب محفوظ ومثلت مكونًا أساسيًّا في أعماله من أول رحلته إلى آخرها.