مجلس النواب
الإنتخابات في أسوان في ظل العصبية والأحزاب السياسية
احمدبدويقراءة المشهد الانتخابي في الانتخابات القادمة،ومن بين هذه التحديات، العصبية والقبلية فإنها تلعب دوراً خطيراً في تشكيل الخارطة السياسية المحلية، بينما لا يزال تأثير الأحزاب السياسية ضعيفا مقارنة بمناطق أخرى في مصر. ولذلك تطرح الانتخابات القادمة في أسوان أسئلة مهمة حول العلاقة بين العصبية السياسية، ودور الأحزاب، وأثر ذلك على الديمقراطية المصرية والإرادة الشعبية في اختيار نائب المستقبل،
كما تعتبر العصبية القبلية في أسوان من العوامل الرئيسية التي تؤثر على نتائج الانتخابات. فالمجتمع الأسواني، الذي يتكون من عدة قبائل وعائلات، لا يزال يتبع بشكل كبير الولاء للأصول العائلية والقبلية. هذه العصبية تترجم إلى تحالفات انتخابية تضمن وصول مرشحين معينين إلى البرلمان بناءً على روابط قبلية أكثر من البرامج السياسية أو الحزبية.
وفي العديد من الأحيان، يتحول التنافس في الإنتخابات إلى صراع بين هذه القبائل والعائلات على منصب واحد. وعادة ما تكون هذه التنافسات مشوبة بالولاء العاطفي والتاريخي، مما يؤدي إلى تصويت موجه لا يعتمد بالضرورة على البرامج السياسية والرؤى الاقتصادية، بل على الانتماءات القبلية، التي يظهر تأثيرها بشكل خاص في الانتخابات البرلمانية والمحلية، حيث تتحكم العصبية في توجهات الناخبين. ولعل أبرز ما يميز هذه الظاهرة هو أن هذه التحالفات قد تتخطى الأيديولوجيات السياسية، بل وتعتبر أحيانا مرشحا قبليًا أقوى من مرشح حزبي أو سياسي مستقل .
أما الأحزاب السياسية فدورها محدود في أسوان رغم التعدد الكبير للأحزاب السياسية في مصر، إلا أن دور هذه الأحزاب في التأثير على الانتخابات في أسوان يبقى محدودًا. تعاني العديد من الأحزاب السياسية في المحافظة من ضعف التنظيم والانتشار بين المواطنين. فالأحزاب السياسية مثل "الحرية والعدالة" في الانتخابات السابقة لم تنجح بشكل كبير في كسب الولاء الحزبي في أسوان مقارنة ببعض المناطق الأخرى في مختلف المحافظات الأخري.
ومن الأسباب التي تقف وراء هذا الوضع هو أن المواطنين في أسوان غالبا ما يرون أن الولاء الحزبي لا يضمن لهم الخدمات والمصالح المحلية التي يحتاجون إليها. وبالتالي، يتجه الكثير منهم إلى دعم المرشحين الذين ينتمون إلى قبائلهم أو المناطق التي يتحدون فيها، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي.
ومن جهة أخرى، يظل تأثير الأحزاب السياسية في الانتخابات محدودًا للغاية في أسوان، خاصة في ظل هيمنة الثقافة القبلية على عملية اتخاذ القرار. وهذا يشير إلى أن الأحزاب السياسية ما زالت لم تتمكن من تقديم رؤى قادرة على منافسة الولاء العائلي أو القبلي الذي يعزز تماسك الناخبين في أسوان.
على الرغم من تأثير العصبية القبلية على المشهد الانتخابي في أسوان، فإن هناك إشارات إلى أن الوضع قد يتغير في المستقبل. تزايد الوعي السياسي بين فئات الشباب في المحافظة قد يساهم في التقليل من تأثير العصبية القبلية. هذا الجيل الشاب بدأ يهتم بشكل أكبر بالقضايا السياسية الوطنية، مثل الاقتصاد، التعليم، والقضايا الاجتماعية، ما قد يمهد الطريق لتغيير النظام الانتخابي وتوجهاته في المستقبل ،إلى جانب ذلك، يمكن أن تسهم الأحزاب السياسية في بناء قاعدة شعبية أكثر استدامة من خلال تطوير برامج سياسية تتعلق بشكل أكبر بمشاكل الناس في أسوان، مع التركيز على التحديات الاقتصادية والتنموية الخاصة بالمحافظة. إلا أن هذا يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لإقناع الناخبين بتغيير العادات الانتخابية المرتبطة بالعصبية.
كما أن الانتخابات في أسوان، في ظل العصبية القبلية والأحزاب السياسية، تشكل صورة معقدة من التفاعلات بين الثقافة المحلية والواقع السياسي. بينما تظل العصبية القبلية في المقدمة في تحديد التوجهات الانتخابية، فإن هناك بوادر لتحولات قد تساهم في تحسين المشاركة السياسية وتحقيق تمثيل حقيقي للمواطنين في المستقبل. يتطلب هذا الأمر تكاتف الجهود بين جميع الأطراف السياسية والاجتماعية لتجاوز الانقسامات التقليدية والانتقال إلى مشهد سياسي يرتكز على برامج انتخابية جادة وواقعية تلبي تطلعات المواطنين في أسوان.