مقالات
د.يسري الشرقاوي يكتب استبشروا بعام 2025
د.يسري الشرقاويعلى بُعد سويعات قليلة من عام ٢٠٢٥، والدقائق تلفظ انفاسها الأخيرة ، وبكل تأكيد لا يوجد حوارات تتفوق على الساحة وتفرض نفسها فوق حوار الإقتصاد ، والسياسة الاقليمية والتحديات التي تواجهها الدولة المصرية ، ولعلي هنا اقف انا والعديد من الزملاء من الخبراء والمحللين والمتابعين لأدق التفاصيل والمراقبين لأحداث المال والأعمال في مصر وفي المحيط الإقليمي والدولي نتفق ونختلف، منّا من يري الأمور بعين التشاؤم ومنّا من يرى الأمور بعين التفاؤل، وهناك مدارس وسطية.
ويظل الإقتصاد لغة لا تعرف ترجمة الاّ بالارقام ، ولا يًعبَّر عنها الاّ بمؤشرات ، لذا اقف في مشهد من الماضي القريب مطلع يناير ٢٠٢٤ كانت الظروف والأجواء والملابسات صعبة للغاية أكثر من ١٨ شهر هي الفترة من مارس ٢٠٢٢ وحتي نوفمبر ٢٠٢٣ ،كان هناك سعرين للعملة وارتفاعات وفجوات في أسعار الطاقة والقمح وبعض السلع الأساسية، وموجات تضخمية قادمة من الخارج وتحديات جسام ، وانخفاض في سعر العملة المحلية أمام الدولار.
ونزاع سعري بين رسمي وموازي للدولار بفارق وصل إلى حدود ١٠٠٪ ، كان يناير ٢٠٢٤ واحداً من اصعب الشهور التي مرت على الإقتصاد المصري الذي كان ينتظره وقتها سداد ما يقرب من ٤٠ مليار دولار قيمة ديون وفوائد ديون مستحقة ، وبالفعل نجحت القيادة المصرية والدبلوماسية الرئاسية ان تقود وتنهي صفقة من اهم الصفقات في التاريخ الحديث.
التي لولا ان الدولة قد اهلت بنيتها التحتية ونجحت في تشييد نماذج لمدن تنموية ساحلية شاملة وامدتها بالطرق وخططت لشبكات سكك حديدية ومشروعات طاقة عملاقة ومشروعات امن غذائي ويحمي كل هذا جيش وطني قوي اعيد تأهيلة وتسليحه، كل ذلك ليشهد ٢٣ فبر اير ٢٠٢٤ "الإعلان عن صفقة رأس الحكمة استثمارات مصرية اماراتية مشتركة".
لتنتعش خزينة الدولة ب ٣٥ مليار دولار ، فتتحرك الدماء وتهدأ العواصف وتسكن رياح الإقتصاد العاتية، وتتحرك عجلة العمل ليتمكن فريق السياسة النقدية من ضبط المشهد واجراء تحرير مرن محسوب لسعر الصرف ، ويلعب ضابط السياسات المالية بادواته ليحرك بعض المبادرات امام القطاع الخاص المنكمش بحكم آليات صعبة مرّ بها لتتحرك العجلة للإمام وتجري الدولة تغيراً وزاريا نصف هيكلي لتضم التجارة الخارجية للاستثمار والنقل للصناعة والتخطيط للتعاون الدولي في حكومة انقاذ اقتصادي.
ليعمل الجميع بثبات رغم زيادة وتيرة التحديات ويعمل اقطاب العداء الخارجي على اصابتنا بخسائر تقدر ب ٧ مليار دولار في دخل القناة إلا أن الاقتصاد المصري سدد٣٨.٧ مليار دولار التزامات دين خارجي وخفض الدين الخارجي من ١٦٨ مليار دولار إلى ١٥٢ مليار دولار، وحقق نمواً وصل إلى ٢.٤ ٪ كركيزة يتحرك منها للأمام ، مع خفض معدل البطالة ليتراوح لاول مرة بين ٦.٥- ٦.٧٪ ، ويحقق ١٤.٥ مليار دولار دخل سياحة في ظل ظروف صعبة.
ويقترب من ٢٥ مليار دولار تحويلات مصريين بالخارج و٢٥ مليار دولار استثمارات اجنبية وحجم صادرات ٣٤ مليار دولار و واردات ٨٣ مليار دولار خافضا عجز الميزان التجاري الي ٣٨مليار و٨٨٨ مليون دولار ، ويصل حجم الاحتياطي النقدي إلى ٤٦،٩٤٠ مليار دولار لأول مرة في تاريخ مصر، وايضا يصل حجم اقراض القطاع الخاص في مايو ٢٠٢٤ إلى ٢ تريليون و٤٠٨ مليار جنيه.
وهذا رقم لم يحقق من قبل وهذا مؤشر توسع انتشار الاستثمار المحلي في بيئة عمل آمنة مستقرة، كل ما تقدم عمل علي خفض معدل التضخم الذي وصل مطلع ٢٠٢٤،من ٤١٪ الي ٢٤.٤٪ بنهاية نوفمبر الأمر الذي يسير في اتجاه الانخفاض ومتوقع أن ينخفض الي ٢٠٪ بنهاية الربع الاول من ٢٠٢٥؟
مما سوف يؤدي الي قيام المركزي بخفض تدريجي لسعر الفائدة مما سوف يدعم زيادة استثمارات القطاع الخاص وزيادة عجلة الإنتاج الأمر الذي سوف يخفض فرص ارتفاع الأسعار علي السلع الاساسية واحتياجات المواطن لعام ٢٠٢٥
الصورة كاملة ترسل رسالة تفاؤل واستبشار بالخير والالتزام الخارجي في ٢٠٢٥ لن يزيد عن ٢٢ مليار دولار ، وهناك تخطيط قوي وفرق تعمل على توسيع دخول القطاع الخاص الأجنبي والمحلي في صفقات مماثلة لصفقة رأس الحكمة.
والتي يتوقع أن يضخ مستثمروها ما بين ١٠-١٥ مليار دولار كل عام ، هذا يجعلنا نؤكد اذا استمرت سياسة دعم الصناعة والتصدير والسياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية والعمل على افكار حديثة لجذب مدخرات المصريين بالخارج فاننا سنكون على اعتاب مرحلة اقتصادية مبشرة للغاية بكل المقاييس ، مطلع ٢٠٢٥ افضل من مطلع ٢٠٢٤ واستبشروا خيراً تجدوه.
[email protected]
نقلا عن الوطن