تعتبر شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء واحدة من الشُعب الأربع الأساسية المكونة للمركز، حيث تلعب دورًا حيويًا في تنفيذ مشروعاته وبرامجه المتنوعة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي..وتستهدف الحفاظ على التنوع الزراعي الحيوي للنباتات، ومراقبة التغيرات المناخية التي تؤثر على الغطاء النباتي الطبيعي، بالإضافة إلى الحفاظ على الأصول الوراثية النباتية.

وتساهم الدراسات التي تقوم بها الشعبة في زيادة إنتاجية وحدة المساحة والمياه، وتعزيز القيمة المضافة للإنتاج من الثروات النباتية والمحاصيل الحقلية. كما تساهم في تحقيق أقصى استفادة من النباتات الطبية المنتشرة في الصحراء المصرية، ودراسة مقاومة الآفات، وتطبيق نظم بيئية نظيفة باستخدام المبيدات الحشرية المناسبة. علاوة على ذلك، تلعب الشعبة دورًا رئيسيًا في دراسة حركة الكثبان الرملية والعمل على تقليل الأضرار الناتجة عنها.

عارف 24 التقت مع الدكتورة ناهد نور الدين رئيسة شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة، ، لاستعراض أبرز المشروعات البحثية والبرامج المختلفة التي تشارك فيها الشعبة بالتعاون مع الجهات المتنوعة، خاصة في ظل التحديات الراهنة، وعلى رأسها التغيرات المناخية.

والي نص الحوار:

في البداية أود التعرف علي دور الشعبة في مكافحة التصحر؟

تساهم شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة في إعداد استراتيجية مكافحة التصحر للفترة من 2024 إلى 2030، والتي تهدف إلى تحسين حالة النظم الإيكولوجية المتأثرة والحد من تدهور الأراضي الزراعية المنتجة للغذاء.. كما تعمل إلى إيجاد حلول علمية تطبيقية للتخفيف من آثار الجفاف والتغيرات المناخية السلبية. تستهدف الاستراتيجية أيضًا استنباط أصناف نباتية جديدة مقاومة وقادرة على تحمل الظروف البيئية القاسية لمكافحة جميع أنواع النباتات المزروعة، وذلك لسد الفجوة الغذائية.

وهل توجد خطة تتبعها الشعبة للتحرر من نمطية الأبحاث العلمية؟

نعم، هناك خطة فعلية تتبناها الشعبة تتماشى مع استراتيجية الدولة المصرية التي تؤكد على أهمية الابتعاد عن النمطية في الأبحاث التطبيقية..و تركز الخطة على الابتكار وتطوير كل ما هو جديد، خاصة في ظل التحديات الحالية مثل التغيرات المناخية وندرة المياه.. وتهدف إلى الوصول إلى إنتاج أصناف وهجن مبتكرة، واتباع سياسات صنفية سليمة تتناسب مع طبيعة الأراضي والمياه، بالإضافة إلى الاستخدامات والتطبيقات الناجحة لبعض المنتجات الطبيعية المستخلصة.

وما هي طبيعة المعام الأساسية للشعبة في الحفاظ على البيئات الصحراوية؟

يمكنني القول أن شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة تتولى مسؤولية إجراء دراسات علمية متخصصة في عدة مجالات. تشمل هذه المجالات التخصصات الدقيقة المتعلقة بالشعبة، مثل صيانة التنوع الحيوي للنباتات الطبيعية في الفلورا المتنوعة في صحاري ووديان مصر، ومراقبة التغيرات في الغطاء النباتي الطبيعي نتيجة الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية.

كما تعمل الشعبة على صيانة وتسجيل وحفظ الأصول الوراثية في بنك البذور، لتحديد المناطق المعرضة للتدهور والاحتفاظ بعينات معشبية لتلك النباتات..وتتركز مهام الشعبة كذلك على إجراء دراسات في الإيكو فسيولوجيا للغطاء النباتي ورصد مصادر التلوث البيئي وتأثيرها على التنوع الحيوي، بهدف إنشاء قواعد بيانات تسجل كافة المعلومات المتعلقة بالنباتات التي تم حصرها وتصنيفها، وذلك لإعداد مخططات لإعادة تأهيلها وصيانتها للحفاظ على الثروة النباتية القومية.

ومن المهم هنا التأكيد على تميز شعبة البيئة بوجود علماء متخصصين في إدارة المراعي الطبيعية، حيث نستمر في تنفيذ دورات رعوية للتوسع في زراعة النباتات الرعوية.

اذن حدثيني عن التخصصات التي تتميز بها الشعبة عن نظيرتها من المعاهد البحثية؟

تتميز نشاطات الشعبة بتنوعها واختلافها، حيث تضم مجموعة واسعة من التخصصات.. وتتضمن هذه النشاطات ممارسات متعددة لزراعة النباتات الطبية والعطرية، بالإضافة إلى دراسة مكوناتها الكيميائية والمنتجات الطبيعية المستخرجة منها، مما يسهم في تعظيم الاستفادة من أهميتها..كما تتميز شعبة البيئة بمهاراتها في دراسة الآفات التي تصيب النباتات المزروعة والنامية بشكل طبيعي، حيث يتم التعامل معها باحترافية نظرًا لاختلاف تخصصها الذي يشمل قسم وقاية النبات.

وتستحوذ الشعبة كذلك على مهارات متنوعة للتعامل مع التغيرات المناخية الحالية، حيث يتم رسم خريطة صنفية للمحاصيل الشتوية والصيفية، بما في ذلك الخضروات والفواكه.. كما يتم تنفيذ ممارسات مختلفة تتعلق بتنوع طرق التصنيع الغذائي لإنتاج بعض المنتجات المستخرجة من النباتات النامية طبيعيًا والمزروعة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك تخصص دقيق في زراعة الأنسجة، حيث يوجد معمل متخصص لإنتاج شتلات النخيل البرحي وغيرها، من خلال تطبيق طرق ومعاملات تهدف إلى إكثار النباتات التي يصعب زراعتها بالطرق التقليدية. كما تبرز الشعبة بتخصص تربية النبات، الذي يهدف إلى استنباط سلالات مقاومة للجفاف والملوحة، مثل فول الصويا وغيرها من المحاصيل.

حدثيني عن أبرز المشروعات الدولية التي تعمل عليها الشعبة حالياً؟

أود أن أشير إلى أن نجاح الشعبة المستمر وعطائها الدائم يعززان من استمرار المشروعات الدولية والقومية. على سبيل المثال، هناك مشروع دولي بين مصر والأردن قائم منذ عام 2018، وهو المشروع الإقليمي للنظم البيئية السليمة لتنمية المراعي في البلدين. هذا المشروع ممول من مرفق البيئة العالمي (GEF) ويتم تنفيذه في مصر بواسطة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) ومركز بحوث الصحراء ومنظمة سيداري. ومن المقرر أن يتم تمويل مرحلة ثانية من المشروع في النصف الأول من عام 2025، حيث سيتم توسيع أنشطة المشروع لتشمل القبائل ودمج القطاع الخاص في جهود تنمية المراعي والثروة الحيوانية.

وهل هناك مشروعات أخرى؟

نعم، في إطار التعاون المشترك بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الأوروبي، يتابع المركز خطة تنفيذية لمشروع "النهج المستدام لإدارة المياه والتربة للأراضي الجافة بدول حوض البحر الأبيض المتوسط". هذا المشروع ممول من برنامج بريما التابع للاتحاد الأوروبي، ويشمل تعاوناً دولياً مع عدد من الدول، منها مصر وإيطاليا وتونس واليونان والمغرب وإسبانيا.

وكيف يستفيد المزارعون من نتائج هذه البحوث؟

تقوم الشعبة بدورها الإرشادي من خلال جميع الأنشطة التي تنفذها، سواء كانت برامج بحثية أو مشروعات..ويتم تفعيل هذا الدور من خلال الندوات التوعوية والمدارس الزراعية الحقلية التي تهدف إلى الوصول إلى المزارعين والمربين. على سبيل المثال، تتنوع المدارس الحقلية الإرشادية من خلال اتباع السياسات الصنفية للمحاصيل الموصى بزراعتها في الأراضي المستهدفة، وزراعة محاصيل وأصناف تتحمل الضغوط البيئية، مما يعود بفوائد كبيرة من حيث الإنتاجية والعائد الاقتصادي كبديل للمحاصيل التقليدية.

كما يتم العمل على استغلال كافة المخلفات النباتية وتحويلها إلى سيلاج ومكمورات عضوية لتقليل استخدام الأسمدة الكيميائية وزيادة الوعي بأهمية استخدام الأسمدة العضوية. بالإضافة إلى ذلك، يتم التركيز على أساليب ترشيد المياه في الزراعة واتباع تقنيات الري الحديثة مثل الزراعة على مصاطب والري بالتنقيط وغيرها.

وقد اعد المركز برنامجا حدد من خلاله الخريطة السمادية لمختلف الأراضي في جميع المناطق التي تشملها المشروعات البحثية، كأحد النماذج الإرشادية الحديثة، حيث يوضح نوعية التربة والمياه.

يتجلى دور الشعبة الإرشادية في تشكيل مجتمع بدوي وسيناوي متكامل ومتعاون، مما يعزز قدرة هذا المجتمع على المساهمة في تنفيذ استراتيجية الدولة المصرية لتنمية المراعي والحفاظ عليها.

وهل هناك دراسات علي حركة الرمال في الصحاري؟

نحن المركز الوحيد في مصر الذي يضم قسما للكثبان الرملية، فإنه يتميز بتخصص دقيق وعام في هذا المجال، نظراً للدور الحيوي الذي يلعبه في دراسة حركة الرمال ووضع خطط فعالة للحد من الأضرار الناتجة عنها، وذلك من خلال استخدام وسائل علمية متخصصة. يضم القسم ثلاث وحدات متخصصة، وهي: وحدة حركة ومصادر الرمال، وحدة بيئة الكثبان، ووحدة التثبيت الميكانيكي والبيولوجي.