دين
ماحكم ”المنتحر”.. دار الإفتاء تجيب
سعد الحلوانيعلقت دار الإفتاء المصرية على واقعتي انتحار شابين بالقاهرة، الأول ألقى بنفسه من أعلى برج القاهرة، والثاني رمى بنفسه تحت عجلات مترو الأنفاق بأرض المعارض بمدينة نصر.
وأكدت الإفتاء أن الانتحار حرام شرعا، مستشهدة بقول الله عز وجل في القرآن الكريم، {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.
حكم الانتحار
أوضحت دار الإفتاء، أن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29)، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
حكم المنتحر
وأكدت أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى على المنتحر ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين؛ قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 441): [(وغسله) أي الميت «وتكفينه والصلاة عليه» وحمله «ودفنه فروض كفاية» إجماعًا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتلُ نفسِهِ وغيرُه].
لا يجوز الانتحار بدعوى رفض المهانة أو التعذيب
فيما رفضت دار الإفتاء المصرية، الانتحار أيًا كان موضوعه، فلا يجوز الانتحار لتوقي الشرور، كالاغتصاب والتعذيب، فالمسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم.
وفصلت: «لأنه لا يجوز للفتاة أن تنتحر خوفًا من أن تغتصب، وعليها مقاومة الغاصب حتى لو وصل الأمر إلى قتله، وإن قتلها هو فهي شهيدة؛ لموتها وهي تدافع عن عرضها، وكذلك غيرها -ممن يتعرض للمهانة والتعذيب- له مقاومة التعذيب والمهانة، ولكن لا يجوز لهؤلاء الانتحار بدعوى أن الانتحار أشرف له من قبول الأسر والتعذيب».
وألمحت إلى أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشكلات.
الانتحار يتم بطريقتين وكلاهما حرام شرعًا
وأشارت دار الإفتاء إلى أن الانتحار يتم بطريقتين، أولهما « طريق الإيجاب» وثانيهما « طريق السلب»، موضحة أن الانتحار بطريق الإيجاب يعني إزهاق النفس بالفعل، كاستعمال السيف أو الرمح أو البندقية، أو أكل السم، أو إلقاء نفسه من شاهق، أو في النار ليحترق، أو في الماء ليغرق، وغير ذلك من الوسائل، فهو انتحار بطريق الإيجاب.
وواصلت: أما الانتحار بطريق السلب فهو إزهاق النفس بالترك، كالامتناع من الأكل والشرب، وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه، أو عدم الحركة في الماء، أو في النار أو عدم التخلص من السبع الذي يمكن النجاة منه، فهو انتحار بطريق السلب.
حكم الانتحار بنية صالحة
نبه الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الانتحار كبيرة من الكبائر ومصيبة وذنب عظيم قد يؤدي بالإنسان إلى جهنم وبئس المصير.
وأضاف« شلبي» في إجابته عن سؤال «ما حكم الانتحار بنية صالحة؟»، أنه لا يوجد شيء يسمي الانتحار بنية صالحة، فالانتحار نفسه كبيرة من الكبائر، ويحرم على الإنسان التفكير فيه، والمُنتحر أمره موكل إلى الله وتعالى، ناصحًا من يفكر في الانتحار بأن يستغفر الله سبحانه وتعالى ولا يعود إلى هذه الأفكار مرة أخرى.
معنى الانتحار
أفاد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بأن الانتحار هو قتل الإنسان نفسه، وهو جريمة عُظمى تتناقض مع نصوص صريحة وردت بالقرآن والسُنة.
عقوبة المنتحر في الآخرة
واستدل «الجندي» بقول الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [النساء: 29]، وكذلك قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» (البقرة: 195)، موضحًا: هما نصان صريحان في تحريم الإقدام على الانتحار، لافتًا إلى أنه ورد بالسُنة مثل ذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وشدد على أن أخطر ما في الانتحار أنه يُمثل سخط العبد على قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، لافتًا إلى أن الإيمان بالقضاء والقدر هو أصل من أصول الإيمان بالنسبة للمسلم.
المنتحر ليس كافرًا ولا يخرج من المِلة
نوه «الجندي» بأن المنتحر ليس كافرًا، والانتحار لا يُعد خروجًا عن الملة، وتجري عليه جميع الأحكام الشرعية الخاصة بالمسلم حال موته، مشيرًا إلى أن المنتحر يظل مسلمًا، من تغسيل وتكفين ودفن في مقابر المسلمين، ثم أداء صلاة الجنازة عليه، متابعًا: أن هذا وهذا ليس دفاعًا عنه أو تخفيفًا لجرمه، إنما المسألة أن الله وحده هو من له أن يحاسبه.