أخبار
ننشر نص كلمة الرئيس السيسي في الجلسة الختامية بمنتدى شباب العالم
محمد عارفألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة في الجلسة الختامية للنسخة الثالثة من منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، وفيما يلي نص كلمة السيد رئيس الجمهورية:
"أصحاب الفخامة والسمو والمعالي، أبنائي وبناتي من شباب العالم، السيدات والسادة..
اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لكل من ساهم في إخراج هذا الحدث العظيم بهذه الصورة المشرفة، ابتداءً من شباب العالم الذي آمن بالفكرة ولبى دعوة أشقائه من الشباب المصري، ليجلسوا سويا يتناقشون ويتبادلون الرؤى والأفكار حول التحديات التي تواجه عالمهم المضطرب المليء بالصراعات والحروب؛ سعيا منهم لإيجاد حلول واقعية لتغيير هذا المسار المظلم نحو عالم أفضل يليق بهم، عالم تسوده قيم السلام والتسامح والتعايش وقبول الآخر والتعاون من أجل الوصول للغاية السامية التي خلق من أجلها الإنسان، وهي التكامل.
كما أتوجه أيضا بأسمى معاني الشكر والعرفان لأبنائي وبناتي من شباب مصر، الذين طالما كان رهاني عليهم رهانا رابحا غير قابل للشك أو التأويل، ثقتي بكم لا حدود لها، وطالما ما تبهرونني بما تبذلونه من مجهود تنظيمي وما تبتكرونه وتطرحونه من أفكار تجعل لمنتدى شباب العالم صبغة متميزة تختلف عن نظيرتها في العام السابق، فشكرا لكم شباب مصر."
السيدات والسادة..
أرحب بكم مجددا في أرض السلام سيناء.. سيناء التي تجلى الله تعالى في بقعة من بقاعها المباركة ليبارك بها الأرض والشعب.. الأرض التي شهدت كبوات وانتصارات واحتضنت جميع الاختلافات.. والشعب الذي امتزجت فيه العزة العربية بالأصالة الأفريقية والملامح الفرعونية بالصفات المتوسطية والإيمان بالرسل والرسالات السماوية.
نجتمع سنويا على هذه الأرض.. أرض مصر.. نقطة تلاقي الحضارات، نرسل رسالة إلى كل شعوب العالم المحبة للسلام، والتي تعلي من قيم الإنسانية، لا فرق بين عرق أو لون أو دين، فنحن هنا جميعا سفراء لها ننبذ التطرف والعنف ونتخذ من اختلافاتنا دافعا للتعاون والتكامل، لا للصراع والحرب.
مصر التي وقفت وتصدت بحزم لقوى الشر والظلام نيابة عن العالم واستبسل شبابها في الدفاع عن قيم الإنسانية، شباب وقف شامخا صامدا مدافعا عن شرفه وبلده، ليعلم البشرية كلها كيف يكون إنكار الذات، وكيف تكون التضحية بكل غال ونفيس من أجل قيمة أسمى وهدف أنبل.
ومن هنا كان إيماني بالشباب راسخا لا يتزعزع، فهم شركاء الحاضر ونبراس المستقبل المنير المشرق، وهم الطاقة الدافعة والمحركة نحو التنمية والبناء والتعمير، فلا سقف لطموحهم ولا حدود لأحلامهم، ولعل تجربة منتدى شباب العالم خير دليل على أن الشباب قادر على تحويل الأحلام إلى واقع مؤثر يتخطى كل حدود الممكن.
أتذكر منذ عامين عندما دعا شباب مصر شباب العالم ليجتمع هنا على أرض مصر، أتذكر حماسهم وإيمانهم بالفكرة، أتذكر عملهم الدؤوب لإنجاح فكرة أمنوا بها، محوا من قاموسهم المستحيل وخضعت العقبات أمام قوة إيمانهم وحماسهم، ولم يكن نجاح النسخة الأولى من المنتدى سوى بداية لانطلاق قاطرة الابتكار والإبداع والتفاني من شباب مصر.
ثم جاءت النسخة الثانية من المنتدى لتنضج الفكرة ويرتفع سقف الطموح وتزداد التحديات، ويتوسع المنتدى ليشمل عددا أكبر من الشباب، وتتعدد فعالياته على مدى العام، ولم يكن نجاح منتدى شباب العالم قاصرا على تحقيق الحلم، بأن يجتمع الشباب من كل دول العالم في مكان واحد للنقاش والحوار الجاد والبناء، وإنما تحول هذا النقاش لمجرد عبارات تعبر عن طموح الشباب إلى خطوات جادة تم تنفيذها على أرض الواقع، فنجد اليوم الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب تتخطى حدود الدولة المصرية لتعقد شراكات إقليمية ودولية في جميع المجالات، تثقل مهارات الشباب ليتمكنوا من خدمة مجتمعاتهم بشكل أفضل.
شهدنا سويا انطلاق النسخة الأولى من ملتقى الشباب العربي والأفريقي بأسوان العام الماضي، والذي يعد منصة جديدة من منصات منتدى شباب العالم لتعزيز سبل التعاون والتواصل بين الشباب العربي والأفريقي.
واعترافا من العالم بالدور الفعال الذي قام به المنتدى، اعتمد مجلس حقوق الإنسان الدولي في دورته الحادية والأربعين قرارا بعنوان " الشباب وحقوق الإنسان"، والذى يعد أول قرار أممي يتم فيه الإشارة إلى المساهمات التي قدمها منتدى شباب العالم في نسختيه الأولى والثانية واللتين عقدتا في مدينة شرم الشيخ خلال عام 2017-2018 باعتباره محفلا دوليا لمناقشة القضايا العالمية من منظور الشباب".
وها نحن قد شهدنا سويا النسخة الثالثة من المنتدى ناقشنا خلالها ما يشهده عالمنا من تحديات إقليمية ودولية وتباحثنا فيما وصل إليه العلم في الثورة الصناعية والتكنولوجية وعرضنا تجاربنا فيما يخص الأمن الغذائي وتمكين الشباب، كما استعرضنا دور الفن والسينما كلغة مشتركة تجمع الشعوب وتؤلف بينهم.
لقد وجدت سعادة بالغة وأنا استمع إلى نقاشات أبنائي وبناتي من شباب العالم، تعلمت منهم وتأثرت بهم فدائما ما يثيرني إعجابي بهذا المستوى الراقي والرفيع من القدرة على التعبير عن أفكارهم ورؤاهم وقدرتهم على استغلال جميع الإمكانيات لتحقيق أحلامهم.
تلك النقاشات المثمرة التى استمرت على مدى الأيام الماضية كانت بمثابة الدافع نحو اتخاذ عدد من القرارات لتحويل تلك النقاشات إلى واقع ملموس يحقق آمال الشباب وطموحاتهم ويعبر عن انحياز الدولة المصرية لما يقرره الشباب.
وبناء على ذلك قررت الآتي:
أولا: قيام إدارة المنتدى باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو عقد شراكات مع المنتديات العالمية المهتمة بالشباب وقضاياهم، بما يثري حالة الحوار البناء بين شباب العالم أجمع.
ثانيا: قيام الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب بالبدء في إجراءات إنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي يهدف إلى الارتقاء بأساليب استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وإعادة بناء القدرات للتغلب على التحولات المتوقعة في سوق العمل.
ثالثا: قيام إدارة المنتدى بإطلاق مسابقة للأفلام الوثائقية على مستوى شباب العالم تستند إلى اختيار هدف من أهداف التنمية المستدامة والتفكير في سبل تحقيقه، أخذًا في الاعتبار الظروف المحيطة بكل دولة.
رابعا: تكليف وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج بالتنسيق مع الجهات المعنية وإدارة منتدى شباب العالم بإطلاق مبادرة بعنوان (مراكب النجاة)؛ للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية على الشواطئ المصدرة للهجرة.
خامسا: تدشين حملة (100 كلمة حول السلام) على موقع المنتدى؛ بغرض تعزيز ودعم قيم السلام حول العالم لبث رسائل الوحدة والتعايش السلمي بين البشر.
سادسا: قيام إدارة منتدى شباب العالم بالتنسيق مع وزارة الخارجية ومنظمة الاتحاد من أجل المتوسط بالعمل على إطلاق منتدى شباب المتوسط؛ بهدف معالجة التحديات التي تواجه دول المتوسط ودعم أفضل الأفكار والتجارب لشباب المنطقة، وبحث إمكانية إنشاء منطقة أورومتوسطية للتعليم العالي والعلوم بمدينة العلمين الجديدة.
سابعا: تبني منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة 2020 إستراتيجية التعامل مع التطورات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة، بما يخدم تطلعات شباب العالم وتحقيق الاستفادة من جميع مجالاتها.
ثامنا: تكليف اللجنة المنظمة لمنتدى شباب العالم من خلال مؤسسة النصب التذكاري لإحياء الإنسانية بإنشاء مركز دولي يهدف إلى دمج الشباب والفئات المتضررة في برامج إعادة الإعمار الدول ما بعد النزاعات ومساعدة الدول المتضررة بالإضافة إلى دمج المجتمع المدني في بناء المجتمعات.
تاسعا: تكليف وزارة الخارجية المصرية بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة المعنية في الدولة والمنظمات والمؤسسات الأفريقية والدولية لتعزيز العمل الأفريقي المشترك في مجال الأمن الغذائي بهدف صياغة سياسات محددة لتحقيق الأمن الغذائي في الدول الأفريقية وتوفير شراكات عالمية لنقل التكنولوجيا الحديثة في مجال الإنتاج الزراعي إلى أفريقيا ورفع درجة الوعي في المجتمعات الأفريقية فيما يتعلق بالاستغلال الأمثل للموارد الغذائية المتاحة وتقليل الفاقد منها.
عاشرا: تكليف إدارة منتدى شباب العالم بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والري بتنفيذ محاكاة عن دبلوماسية الدول المشتركة في حوض نهر واحد وكذلك تنفيذ ورش عمل عن الأمن المائي في ظل ندرة المياه.
أتوجه برسالة إلى قادة العالم أجمع، استمعوا إلى شبابكم وشاركوهم أفكارهم وأحلامهم، وأعطوهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم، وحلقوا في سمائهم عاليا، واجعلوهم سباقين لا تابعين، سلّحوهم بخبرتهم وبإيمانكم بهم، لا تتركوهم فريسة لمن يقتاد طموحهم ويستخدمهم أداة لنشر العنف والكراهية، املأوا قلوبهم بالأمل والحرية والدعم الذي لا نهاية له، وافتحوا لهم أبواب الثقة، وأعطوهم مفاتيح القيادة فلا حاضر بدونهم ولا مستقبل بغيرهم، سأنتظركم العام القادم إن شاء الله ومعي شباب مصر لنجتمع مجددًا نتحدث ونتناقش ونستمع إلى بعضنا البعض، ونستكمل ما بدأناه معًا، فعهدي بكم كعهدكم بي... أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".