دين
حكم الافتاء على من ضاقت به الحياة ومقبل على الانتحار
جاء سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، وذلك عبر صفحتها الرسمية بموقع "يوتيوب" يقول صاحبه: "ضاقت بي الحياة، وأصبحت مقبلًا على الانتحار، ولا أظن أن الله سيعاقبني؛ فبم تنصحني؟
فقد أجاب الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، السائل قائلًا: "رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أخبرنا في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم أن الدنيا حلوة خضرة، وأن الله استخلفنا فيها، فينظر ماذا نعمل".
ونصح "عثمان" السائل بالحضور إلى دار الإفتاء في أي وقت شاء وإن كان الأفضل له على الفور، منوهًا إلى أن المسلم لابد أن يتعاون مع أخيه المسلم؛ للخروج من مثل هذا المأذق والضيق النفسي.
وأضاف أمين الفتوى أن الانتحار يعد هدمًا لبناء الله؛ فإياك والانتحار لأنك محاسب عليه، واحرص على قراءة القرآن خاصة سورة الفاتحة والوضوء دائمًا، حتى تأتي إلى الدار.
واختتم: "إن شاء الله ستشفي قريبًا، ولكن لا تستلم وتجعل النفس التي ضعفت في هذا الوقت تقودك إلى شر يلحق بك، وهو الموت على كبيرة من كبائر الذنوب عند الله – عز وجل-".
لماذا حرم الله الانتحار؟
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله حرّم الله الانتحار؛ فالانتحار حرام؛ مضيفا: "لا تقل إنني حر في حياتي، وفي مدى سعادتي من تعاستي، وأنا تعيس، ولذلك أُنهي حياتي، لا يجوز هذا في دين الله".
وأكد "جمعة" عبر "فيس بوك"، أن الانتحار حرام، وهو جريمة لا يفعلها إلا الأشرار الذين نسوا الله سبحانه وتعالى، لأنك كأنك تتعدى على الله تعالى، لأن الله سبحانه وتعالى لم يُمتك، وأنت تريد أن تتولى أمرًا من أمور الله عدوانًا، وظلمًا بأن تُنهي حياة إنسان، وهذا الإنسان هو نفسك؛ فالانتحار حرام، ويدخل تحت قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ} لأنك أنت مدرج تحت النفس.
وأوضح أن أصل التحريم أن الله سبحانه وتعالى قد حرَّم قتل ابن آدم؛ فالقتل حرام، وهو كبيرةٌ من الكبائر، وعظيمةٌ من العظائم، حتى أخرج أبو الشيخ الأصبهاني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ملعونٌ من هدم بنيان الرب» وابن آدم بنيان الرب، إذن شبَّه ابن آدم كأنه بناء، وهذا البناء صنعه الله تعالى، ثم إن أحدهم قد جاء وهدم هذا البناء؛ فقد اعتدى على بنيان الرب سبحانه وتعالى «ملعونٌ من هدم بنيان الرب» فالقتل حرام هذه هي المسألة الأولى.
وأشار إلى أن القتل حرام سواءٌ أكان مؤمنًا، أو غير مؤمن، مسلمًا، أو غير مسلم؛ فالقتل حرام، لأنه فيه هدمٌ لبنيان الرب، ويبدو أن هذه العبارة التي أخرجها أبو الشيخ حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي في كتب الأنبياء السابقين «ملعونٌ من هدم بنيان الرب» ولذلك فهذا المعنى قد اتفقت عليه الأديان "حفظ النفس".
وتابع أن حفظ النفس أصبح مقصدًا لكل دين، ولكل شريعة، ومنها شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي خاتم الشرائع، وهي دين الإسلام، فإذا ما حُفظت النفس يأتي المقصد الثاني في "حفظ العقل"، حتى يتم الخطاب بالتكليف، لأنه كلما قال لك "افعل ولا تفعل" لابد لك من عقل يدرك هذا الأمر، وهذا التكليف، وعلى ذلك فحفظ العقل هو الأساس الثاني.
واختتم: "المقصد الثاني من كل شريعةٍ أرسلها الله إلى عباده ليوضح أمره، ونهيه، وتكليفه سبحانه وتعالى لبني آدم {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ}".
علاج المشكلة.. علي جمعة ينصح من يفكر في الانتحار بأمرين
نصح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، من يفكر في الانتحار بالإكثار من ذِكر الله تعالى، والحمد، منوهًا إلى أن الانتحار حرام شرعًا ومن كبائر الذنوب التي نهانا عن الإسلام.
وقال «جمعة» خلال حواره مع الإعلامي عمرو خليل، ببرنامج «من مصر»، المذاع على فضائية «cbc»، إن فكرة الانتحار ناتجة عن الاكتئاب، وعلاج الاكتئاب واضح وهو كثرة الذكر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أرشدنا له، وقال: «خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
واستشهد بما روي الترمذي (3585) عن ابن عمرو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (صحيح الترمذي)، وروى الإمام مالك في "الموطأ "(726)، والبيهقي في "السنن" (8391) عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ بْنِ كَرِيزٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ».
وأشار إلى بعض كنوز الأذكار منها: من قال في اليوم 100 مرة «لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، غفر له ذنبه ولو كان مثل زبد البحر، وهناك فضل آخر لهذا الذكر كما ورد في حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ قَالَ: «لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ».