مقالات
إزالة التعديات علي الأراضي.. الجولة السادسة عشر
محمد عارفحسنا فعلت هيئة الرقابة الإدارية عندما أطلقت الجولة السادسة عشر لإزالة التعديات بالبناء علي الأراضي الزراعية، بالتعاون مع الوحدات المحلية ومديريات الأمن في خمسة عشر محافظة، والتي أسفرت عن تنفيذ قرار ازالة، 1347 حالة تعدي علي مساحة 73.9 ألف متر مربع من أملاك الدولة، اضافة الي ازالة التعديات علي 1088 فدانا علي الأراضي الزراعية..
أعتقد أنها قد استوعبت الدرس مما حدث في أعقاب ثورة 25يناير 2011 عندما بلغت اجمالي التعديات خلال ثلاثة شهور، الي أكثر من 500 الف حالة مخالفة، علي حساب أعلي الأراضي الزرعية خصوبة، والتي لن نستطيع استعادة خصوبتها حتي بعد تنفيذ حملات الازالة المتعاقبة.
فقد أدت حالة الفوضي التي عمت البلاد وقتها،الي استقطاع جزء كبير من زمام مدينة بنها بين فرع دمياط علي النيل، والرياح التوفيقي ، تم بناء سلسلة من العمارات عليه في غفلة من الزمن، وبالرغم من استحالة ازالة تلك العمارات فانها ستظل عبئا كبيرا علي مرافق محافظة القليوبية.
فالمنطقة قد استوعبت مئات وربما آلاف الوحدات السكنية، والآن يطالب الملاك والسكان المحافظة بمد خطوط مياه الشرب النقية، و خطوط الصرف الصحي اليهم، علما بان هذه الخطوط عاجزة اصلا عن استيعاب الانشطة السكانية القائمة في المدينة فما بالنا بالمباني الجديدة.
وحتي طرق المدينة أصبحت تعاني من تكدس غير عادي للسيارات، وربما بلغ اجمالي مسطح السيارات ضعف مسطح الطرق، واذا كان من المؤكد انه من حق المواطن البحث عن مكان اعاشة آمن، بمستوي اجتماعي يليق بما وصلت اليه البشرية من تطور تكنولوجي في القرن الحادي والعشرين، غير أن العمل العشوائي من شانه تدمير موارد الدولة دون ان يحقق لها التنمية المستدامة التي ينشدها أهلها لهم ولأبنائهم.
الغريب في الأمر استمرار اصرار المواطنين علي التعدي علي الأراضي الزراعية واملاك الدولة ، برغم حرص الحكومات المتعاقبة علي تدمير تلك المباني ، وكأن هناك أيادي خفيه تريد تدمير الأقتصاد الوطني ،فأراضي املاك الدولة جزء أصيل من موارد الدولة التي ينبغي الحفاظ عليها لا من أجل اقامة مشروعات تنموية فحسب بل انها عنصر أساسي في تمكين الدولة من اقامة مدن سكنية منظمة ، فماذا لو ترك السكان الفرصة للمحافظة كي تقوم بتقسيم اراضي تلك المنطقة بصورة علمية.
تتضمن شوارع بمساحات لا يقل عرضها عن عشرين الي ثلاثين متر بدلا من الطرق التي لا يتعدي عرضها ستة أمتار، و بنية أساسية مناسبة من خطوط مياه شرب نقية وخطوط كهرباء وتليفونات وصرف صحي مناسبة، ومسطحات خضراء وملاعب.
ان الفرق بين العشوائيات والمدن الحديثة التي تنشئها كل دول العالم، وهو التزام المجتمع بالنظم الحديثة في تصميم المدن، فسيطرة الفوضي علي اي مجتمع من شانه تخريج أجيال تعاني من العشوائية في اخلاقها وسلوكياتها اليومية، وحتي في طريقة تفكيرها.