مقالات
هذه سَاعَة من سَاعَاتٌ بَيْنَ الكُتُبِ .. تِلْكَ التى عَرَفَتهَا كَمَا عَرَفَتْ إسْمَى
الدكتور محسن عبد الخالقعَادَةَ مَا يُعَاوِدُنِي الحَنِينُ إِلَيهَا زَائِرًا مُتَذَكِّرًا كَيْفَ كُنْتَ أُحَاوِلُ أَنْ أَحْفُرَ لِنَفْسِي مَوْقِعًا فِي اللُّغَةِ ؟ .
مَازالتَ أَصَابِعِى تُحِسُّ بِدِفْءِ أَوْرَاقِ هَذَا اَلْمَرْجِعِ لَحْظَةٌ كُنْتَ أُطَالِعُهُ .. سَاعَاتٌ عِشْتُهَا طَائِرًا مُحَلِّقًا فَوْقَ خَطِّ اَلْأُفُقِ أَتَأَمَّلُ اَلسُّحُبُ وَهِيَ تُفْرِغُ شُحُنَاتِهَا مِنْ اَلْبَرْقِ وَالْمَطَرِ ، ثُمَّ تَعُودُ اَلشَّمْسُ لِتُشْرِقَ بَعْدِهَا ..
سَاعَاتٌ عِشْتُهَا طَائِرًا مُغَرِّدًا لَا يَتَجَاوَزُ خَطَّ اَلطَّيْرِ ، وَلَا مُخَالِفًا لِقَانُونِ اَلْهَوَاءِ حَتَّى لَا تَتَبَعْثَرُ أَجْنِحَتِي كُلَّ مِنْهَا مُسْتَسْلِمَةً لِرِيحٍ ..
مَا أَكْثَرُ هذه السَاعَاتٌ التى يُعَاوِدُنِي الحَنِينُ إِلَيْهَا لِأَتَعَرَّفَ كَيْفَ كَانَتْ تَحْمِلُنِى أَجْنِحَتِي طَائِرًا فَوْقَ سَطْحِ اَلْبَحْرِ لِأَكتُبْ بِهَا كِتَابَاتٌ عَلَى اَلْمَاءِ ..
سَاعَاتٌ كُنْتَ فِيهَا أَحْرِصُ عَلَى :
أَنَاقَةُ اَلْعَقْلِ ، وَبَهَاءُ اَلْفِكْرَةِ ، وَرَشَاقَةُ اَلْعِبَارَةِ اَلْمَمْلُوءَةِ بِالْمُوسِيقَى ..
أتذكر لحظات المجاهدة والمكابدة أثناء كنَت أقوم بعَمَلِيَّةُ اَلْبِنَاءِ التى تَقُومُ بِأَنْ أَضَعَ حَجَرٌ فَوْقَ حَجَرٍ ، وَطَابَق يَرْتَفِعُ عَلَى طَابَقِ تَحْتَهُ ، وكيف اخْتَرْتُهَا أَحْجَارًا قدت مِنْ اَلْجَرَانِيت ..
حَقًّا ، هُنَاكَ لَحَظَاتٌ نَادِرَةٌ فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ أَنْ يُشَاهِدَ التَّارِيخُ أَثْنَاءَ صِيَاغَتِهِ ، تَارِيخُهُ " هُوَ " ، وَهَذِهِ لَحْظَةٌ مُبْصِرَةٌ مِنْ لَحَظَاتِ اَلْوَهَجِ ، وَسَنَوَاتُ اَلتَّوَثُّبِ ، أَمْسَكَتْ بِهَا عَدَسَةُ آلَةِ اَلتَّصْوِيرِ أثناء عملية البناء ، وكَانَ فِيهَا التَّارِيخُ حَاضِرًا وَشَاهِدًا ..
يبقى ..
أنَّ اَلْقِرَاءَةَ عندى نَوْعٌ مِنْ اَلصَّلَاةِ ، بمقدار ما أَنَّ الكِتَابَةَ عَمَلَ مِنْ أَعْمال العِبَادَةِ ..
إنَّ بِدَايَتَنَا لَيْسَتْ وِلَادَتُنَا ، وَإِنَّمَا اللَّحَظَاتِ التى نَخْلُقُ فِيهَا مُجَدَّدًا لا تُحْصَى ..
حَيَاتِي عُمَرْ مِنْ اَلْكُتُبِ وَتِلْكَ لَحْظَةٌ مِنْ لَحَظَاتٍ :
" سَنَوَاتُ اَلتَّوَثُّبِ وَالتَّوَهُّجِ "