من بين الاشكاليات التي تواجهها معظم المطاعم، العربية سواء علي مستوي الفنادق او المطاعم الكبري هي إدارة المطبخ ، وهنا تكمن قوة وتجربة الشيف، بحيث ان لكل شيف استراتيجيته في العمل، فمنهم من تكن لديه فكرة فرض السلطة وتوجيه الأوامر و التوبيخ والسلوكيات التعسفية والإنذارات هي السبيل الوحيد في السيطرة والانضباط داخل المطبخ، ومنهم من تكون لديه فكرة التشجيع و المشاركة وفتح المجال للشيفات لإبراز مواهبهم، ومنهم من يستغل اجتهادات بعض الشيفات الذين تحث ادارته لينسبها لنفسه قصد تلميع صورته لدى الإدارة والضهور على على أنه هو صاحب الأفكار والحلول.
إن المطبخ كأي مؤسسة قائمة بذاتها تعتمد على فريق متكامل لا يجب إقصاء اي فرد فيها او النقص من دوره في نجاحها، والشيف الذكي يقوم بإشراك الكل في سبيل هذا النجاح.
وهنا أقوم بتشبيه أعضاء المطبخ، بالجيش، فلكل عضو مهمة مكلف بها، الكل حسب موقعه في حرب يومي من اجل رفع مستوى المطعم قصد غزو السوق بمنتوج جيد متميز، ومن اجل الوصول للهدف المنشود يجب على الشيف أن يركز على بعض النقط المهمة أبرزها.
اختيار الفريق الجيد لكي يصل للهدف، والاختيار يكون عن طريق جلب شيفات مميزين، أخذا بمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وان لا يساوم في كفاءة الشيف ، من حيث الاطلاع على السيرة الذاتية َله والتي تبيين خبرته ومستواه التعليمي، ولتأتي مرحلة التجربة والتي تظهر مستواه المهني الحقيقي وكذالك أخلاقه و كيفية تعامله وانسجامه مع باقي المجموعة .
كما يجب أن يركز الشيف على التطوير المستمر لكل العناصر وتلقينهم أسلوب عمله، و أن يكون مسؤولا بكل ما في الكلة من معاني ، فلا يرمي بفشله علي طاقمه
ومن صفات الشيف الناجح ان يكون عادلا في توزيع المهام، وأن يكون همزة وصل بينه وبين رئيس المؤسسة أو مديره المباشر ن وأن يمدح فريق عمله باستمرار بصفته الشخص المقرب من الرئيس، والشيف الحقيقي هو حائط الصد ضد اي تيار خارجي، سواء من مدير المطعم أومدير الصالة او من اي شخص مسؤول، فلا يسمح لأي شخص التدخل في المطبخ أو الاحتكاك مع الطباخين، ويجب عليه تدريب المجموعة علي طرق النظافة والترتيب والاقتصاد. .
وأن يحرص على المراقبة الدائمة للمواد والخضروات و اللحوم، تواريخ الصلاحية وجودة السلع وطرق التخزين، تفاديا لأي تسمم او مخالفات من طرف الهياة المختصة بالمراقبة (البلدية)، ومتابعة طرق السلامة الغذائية وتلقين الشيفات قواعد النظافة
وان يحرص على التقيد بنظافة الهندام لدى الشيفات بشكل يومي، كما يجب على الشيف، فرض اسلوب التعاون داخل المطبخ بين الأقسام ، وتبادل الأفكار ولابد من التشجيع والتحفيز من أولويات الشيف الناجح. و ذالك بترقية المجتهد وتنبيه المتخاذل.
كما يجب على الشيف التعامل مع إدارة المشتريات بكل حزم وجدية، فهو المسؤول الاول على جودة المنتج، بعيدا عن أي استفادة شخصية، لأن المطبخ أمانة في عنقه.
اختيار الشركات المعروفة بالجودة بحيث لا يجب ان يسقط في فخ تفضيل السعر على الجودة من أجل أن تكون التكلفة (الكوست) اقل وهذا سيؤثر بالسلب على مردودية المطعم، و الشيف هو القدوة، فيجب ان يكون الاحترام والتواضع مبدأه، والشيف الناجح لديه قانون داخلي خاص، ولابد ان تكون له بصمة خاصة سيتركها للأجيال، فيجب ان يصون الأمانة، وان يراعي ان..
التحفيز المادي له قيمة معنوية كبيرة لدى كل العاملين فيجب ان يكون هناك هدايا وعلاوات بين الفينة والأخرى و وخصوصا عند زيادة الشغل وارتفاع إيرادات المطعم.
يجب على الشيف القيام باجتماعات دورية من أجل التقرب من المجموعة قصد معرفة مشاكلهم وطموحاتهم، و القيام ببعض الخرجات قصد التنزه و الترفيه عن النفس، وهذه المبادرات تزيد من المحبة وتقوي اللحمة بين الفريق.. و تشجيع الشيفات على المشاركة في المسابقات محلية ودولية، مما قد ينعكس ايجابيات على مستواهم وصقل مواهبهم.
الشيف يبحث دائما على الحلول من أجل تفادي التلف، وذالك بتحضير منيوهات مرافقة(set menu) ، و اطباق يومية ناجحة بأسعار مناسبة ومشجعة.
ويجب على الشيف ان يكون على دراية واسعة بالسوق، عارفا بما هو مطلوب ومستحب لدى الزبائن، المطاعم الحديثة أصبحت تعتمد على الطبخ المباشر ( show cooking).. وذالك لما تضفيه من أجواء جميلة في المطعم.
ولابد على الشيف ان يكون قريبا من الزبائن ولا عيب أن يطلع عندهم يرحب بهم ويقترح عليهم بعض أطباقه المميزة.
كما ان الشيف الحديث يعتمد كثيرا في التسويق على صفحاته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي للدعاية للمطعم الذي يشتغل به.
حلم كل شيف ناجح
على ان كل شيف يحلم بأن يكون لديه في يوم من الأيام مطعمه الخاص ، وهذه الثقافة حقيقة نراها في أروبا وخاصة في فرنسا، فأغلب الشيفات لديهم مطاعمهم الشخصية وهذا ما يساعدهم على فرض اسلوبهم الخاص في الإدارة والاستفادة من المداخيل لصالحهم.
تجربة خاصة ونصيحة
لقد كنت محظوظا في بداياتي حيث تعلمت في المدرسة الفرنسية، اقصد تعلمت أبجديات المطبخ في مطاعم فرنسية، وتحت إدارة فرنسية كاملة ، ولا اخفيكم سرا اننا كنا لا نمل من الشغل وكنا ننتظر بفارغ الصبر اليوم الموالي الذهاب للعمل، لأن الجو العام في العمل كان رائعا وكنا نكون فريق واحد متجانس ، وكنا نقومو بكثير الفعاليات داخل وخارج المطعم، بحيث كان الحب يسود بيننا، وهذا نتاج سياسة داخلية من طرف الإدارة والشيف، وهذا الأسلوب يجعل المدرسة الفرنسية متفوقة على نظرتها في العالم ، و لأنها عرفت كيف تأسس لمهنة نبيلة ، لتصبح بذالك من أقوى المهن في فرنسا بل في العالم بأسره.
وانا انصح اي شيف لديه الاستطاعة اخد دورات في أكاديميات فرنسية او الاشتغال مع شيفات فرنسين، لا يتردد لان ذالك سيكون له الأثر الكبير في مسيرته المهنية.

الشيف ميلود أبو مريم .. عضو الفيدرالية المغربية لفنون الطبخ