مقالات
فيضان هذا العام شر أم خير لبلادنا
محمد عبد المنصفحدث ما توقعته في مقالي السابق بإن مياه الفيضان التي أغرقت نحو سبعة عشر ولاية سودانية لابد وأنها ستتجمع في مجري النهر متدفقة الي مصر.
وجرت العادة أن تقوم وزارة الموارد المائية والري، بصرف 250مليون متر مكعب يوميا في ذروة احتياجات الموسم الصيفي، غير أن الواقع الذي واكب فيضان هذا العام هو ارتفاع منسوب مياه بحيرة السد العالي لأعلي منسوب لها منذ عام 1999.
غير أن المياه وصلت إلي مصر بعد حصاد المحصول الصيفي سواء الأرز أو الاذرة والقطن وقبل بدء زراعة محاصيل الموسم الشتوي، مما يعني صرف أقصي كميات مياه وقت اقل الاحتياجات المائية.
بالتوازي مع إصرار المواطنين علي بناء مساكنهم علي اراضي طرح النهر ورياحاته وفروعه الرئيسيه،مما نتج عنه ضعف السعة القدرة الاستيعابية للمجاري المائية للمياه الزائدة،حيث صمم فرع دمياط علي استيعاب 60مليون متر مكعب بوميا، وأن يستوعب فرع رشيد 80 مليون متر.
الا ان التعديات المستمرة علي ضفاف المجري قد ادي الي عدم قدرته علي استيعاب هذه الكميات،ناهيك عن رفض أغلب الفلاحين فتح بوابات الترع لتصريف المياه إلي أراضيهم، مما سيضاعف من خطورة المياه،وهو ما يعيد للاذهان غرق زاوية عبد القادر بمحافظة الإسكندريةعام1993 نتيجة ارتفاع منسوب المياه في الترعة بينما توقف السحب منها تماما .
الأمر الذي يوجب استنفار المحليات علي طول مجري النيل وبخاصة دمياط و البحيرة وكفرالشيخ والإسكندرية، لمتابعة تطورات الفيضان الذي يتوقع تعرض مصر لسقوط أمطار تصل إلي السيول قبل انخفاض مستوى المياه في الترع.
الجميل في فيضان هذا العام هو إمكانية غسل الترع والمصارف والأراضي القريبة من البحر التي تعاني من الاملاح المتراكمة في التربة نتيجة زحف مياه البحر ،وهنا يجب أن نفهم أن إلقاء المياه في البحر لا يرجع لسوء الإدارة، وانما واقع فرضته الطبيعة فلو لا ضخ المياه إلي البحر لعانت الأراضي من التملح ، إنها فرصة لا تتكرر كثيرا ينبغي استثمارها في الحد من خطورة ارتفاع مستوى المياه الجوفية في أراضي الدلتا