سياسة
كلمة السيسي أمام القمة التنسيقية الثانية بين الاتحاد الإفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية
هدير محمد
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنه رغم تداعيات “كورونا” على المجتمع الدولي بأسره خاصةً الدول الإفريقية إلا أن تلك التحديات دفعت القادة الأفارقة لتعزيز التكاتف المشترك من أجل تسخير الطاقات لإيجاد حلول فعالة ومُبتكرة تُتيح تجاوز صعوبة الظروف الحالية، وأن مصر حرصت على أن تكون في طليعة هذا الجهد الإفريقي عبر المساهمة بمُساعدات طبية وأجهزة معملية ونقل خبرات فنية دعماً لأشقائها الأفارقة، فضلاً عن إسهام مصر في دعم الصندوق الإفريقي لمكافحة فيروس (كورونا) والمركز الإفريقي لمُكافحة الأمراض والأوبئة.
وشدد الرئيس السيسي -في القمة التنسيقية الثانية بين الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية التي انعقدت اليوم الخميس عبر تقنية الفيديو كونفرانس- على أهمية الدور المحوري والقيادي لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية "نيباد" في حشد الموارد المالية التي تُمكن من تنفيذ المشروعات القارية الرائدة لأجندة إفريقيا 2063.
وحث السيسي القادة الأفارقة على مواصلة المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة القارية بجدية بغية تفعيلها بشكل كامل تحقيقاً للحلم الإفريقي المشترك في تعزيز الاندماج الاقتصادي، وأوضح أن جهود التكامل الإقليمي لا يمكن التعامل معها بمعزل عن النهوض بشبكتي البنية التحتية والطاقة على مستوى القارة لتوفير بيئة مواتية لتحقيق مستويات أعلى من التكامل الإنتاجي والاقتصادي.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي: "أخي فخامة الرئيس "سيريل رامافوزا" رئيس جمهورية جنوب إفريقيا ورئيس الاتحاد الإفريقي، أصحاب الفخامة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء بهيئة مكتب الاتحاد الإفريقي ورؤساء التجمعات الاقتصادية الإقليمية، أخي معالي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السيد موسى فقيه، السيدات والسادة الحضور، بدايةً أود أن أتقدم لكم بخالص التحية، ولأخي فخامة الرئيس "رامافوزا" بصادق التهنئة على رئاسته للنسخة الثانية من اجتماع القمة التنسيقي الثاني بعد أكثر من عام على انعقاد قمتنا الأولى بجمهورية النيجر الشقيقة في ضيافة أخي فخامة الرئيس/ مُحمدو إيسوفو والتي تشرفت برئاستها خلال عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي.
أصحاب الفخامة والسعادة، رغم تداعيات فيروس كورونا على المجتمع الدولي بأسره، خاصةً على المنظومة الإفريقية وأجهزتها التنفيذية المُختلفة وقدرتها على تطوير التكامل القاري والإقليمي، إلا أنه في المُقابل، فقد دفعتنا تلك التحديات لتعزيز التكاتف الإفريقي المشترك من أجل تسخير طاقاتنا لإيجاد حلول فعالة ومُبتكرة تُتيح لنا تجاوز صعوبة الظروف الحالية.
ولعل خير مثال على ذلك، ما أتيح لنا من فرص لاكتشاف إمكانات القارة وتطويرها لتعزيز قدُرات الصحة العامة ومواجهة الأوبئة، وذلك عبر عدد من المبادرات والأنشطة، وعلى رأسها تأسيس صـندوق الاتحـاد الإفريقـي لمكـافحـة فيروس كـورونا، وتبـادل المعلومـات والبيانات والدروس المُستفادة وأفضل المُمارسات فيما يخص احتواء الجائحة، وبلورة منصة مُوحدة لمُشتريات الدواء والمُستلزمات الطبية.
وقد حرصت مصر على أن تكون في طليعة هذا الجهد الإفريقي من خلال المساهمة بمُساعدات طبية وأجهزة معملية ونقل خبرات فنية دعماً للدول الإفريقية الشقيقة، فضلاً عن إسهام مصر في دعم الصندوق الإفريقي لمكافحة فيروس كورونا والمركز الإفريقي لمُكافحة الأمراض والأوبئة.
السيد الرئيس، أصحاب الفخامة والسعادة، لقد استمعت للعرض الذي قدمه أخي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لتقرير حالة الاندماج في إفريقيا، وأرحب بما ورد به من معلومات قيمة واستخلاصات وتوصيات هامة، وأود الإشارة في هذا الصدد إلى النقاط التالية:
أولاً: كان من اللافت للنظر ما أوضحه التقرير من وجود تفاوت في أداء التجمعات الاقتصادية الإقليمية اتصالاً بتحقيق أهداف اتفاقية أبوجا لتأسيس الجماعة الاقتصادية الإفريقية وتنفيذ خطة عمل لاجوس للتنمية الاقتصادية، فضلاً عن تباين التقدم المحرز حول محاور الاندماج المالي والتجاري والربط في مجال البنية التحتية.
ومن هنا يأتي دور الاتحاد الإفريقي في مُساندة كافة التجمعات لمُعالجة القصور الذي يعتري أداؤها في تنفيذ محاور الاندماج القاري، وفي نقل التجارب الإيجابية لتجمع أو آخر لبقية النظراء الإقليميين، والعمل على تحقيق التناغم المطلوب في أداء التجمعات الإقليمية للسير بوتيرة متوازنة نحو تنفيذ أجندة التكامل القاري.
ثانياً: أود التأكيد مجدداً على الدور المحوري والقيادي لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية "نيباد" في حشد الموارد المالية التي تُمكن من تنفيذ المشروعات القارية الرائدة لأجندة إفريقيا 2063.
ثالثاً: أناشد بأن نواصل بجدية المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة القارية بغية تفعيلها بشكل كامل تحقيقاً للحلم الإفريقي المشترك في تعزيز الاندماج الاقتصادي، على اعتبار أن هذا المشروع يمثل حجر الزاوية لتحقيق باقي أهداف الاندماج القاري.
رابعاً: إن جهود التكامل الإقليمي لا يمكن التعامل معها بمعزل عن النهوض بشبكتي البنية التحتية والطاقة على مستوى القارة، في ظل أهميتهما في تسيير حركة البضائع والخدمات والأفراد، وتعزيز قنوات التواصل ونقل البيانات والمعلومات، بما يوفر بيئة مواتية لتحقيق مستويات أعلى من التكامل الإنتاجي والاقتصادي.
السيدات والسادة، في ذات السياق؛ ترحب مصر بالجهد المبذول لمُتابعة نتائج قمة التنسيق الأولى، وفي طليعتها استكمال العمل الرامي لصياغة مصفوفة لتقاسم العمل بين الاتحاد الإفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، والدول الأعضاء، مع ضرورة وضع خارطة طريق لمُشاورات مُوسعة ومُعمقة يتم إجراؤها على مستوى الاتحاد والتجمعات والحكومات.
وبناء عليه، فإن مصر تتطلع لاعتماد المصفوفة بعد اكتمالها في قمتنا التنسيقية القادمة في يوليو 2021 بندجامينا. ومن الضروري أيضاً أن نعمل سوياً لرفع كفاءة كل من مفوضية الاتحاد الإفريقي وسكرتاريات التجمعات الاقتصادية الإقليمية حتى يتسنى لهم الاضطلاع بمهامهم على الوجه الأكمل في إطار تقسيم العمل، مع ربط ذلك بجهود الإصلاح المؤسسي والمالي والإداري في إطار مفوضية الاتحاد الإفريقي.
وختاماً، فلا شك أن ما سيشهده اجتماعنا اليوم من نقاش ثري ومُداولات بناءة، سيسهم في تطوير مسيرة التكامل القاري والعلاقة بين الاتحاد الإفريقي وأفرع التجمعات الإقليمية، وأعرب عن ثقتي في أنه سيخرج بنتائج إيجابية تعرض على القمة الإفريقية المُقبلة في فبراير 2021، ليتسنى أن نتابع تنفيذها عندما نحل ضيوفاً على أخي فخامة الرئيس إدريس ديبي الصيف المُقبل.
وشكراً لحسن الاستماع".