دين
”الأوقاف”: المال العام أشد إثما وجرما وخطرا من المال الخاص
هدير محمد
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف إن الاعتداء على المال العام أشد إثمًا وجرمًا وخطرًا من المال الخاص؛ لكثرة الأنفس والذمم المتعلقة به، فالأمانة فيه أشد، والمسئولية فيه أعظم، مشددًا على أن ضياع المال إهمالًا كضياعه إفسادًا، فكلاهما ضياع على كل حال، فكلُّ من قصّر في حماية المال العام أو تسبب في إتلافه أو إفساده أو ضياعه فهو آثم شرعًا.
وقال جمعة، اليوم السبت، إن المال إحدى الكليات الست والمقاصد الكلية السامية التي أحاطها ديننا الحنيف بالعناية والحفظ والرعاية والصيانة، حيث يحذر الحق سبحانه وتعالى من أكل أموال الناس بالباطل، فيقول (عز وجل): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا " (النساء: 29-30)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " (رواه البخاري)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به" (أخرجه أحمد)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار، قالوا: فإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله ؟ قال: وإن قضيبًا من أراك، قال ذلك ثلاث مرات " (رواه مسلم).
وأضاف وزير الأوقاف: "ولحفظ المال شُرع حد السرقة، وشرع الضمان، والكفالة، والوكالة، والحجر لحق المال، كما تضمن حد الحرابة حفظ المال أيضًا، ونبهنا الشرع الحنيف إلى كتابة الدين، والوفاء به، وبالأمانات، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " (صحيح البخاري)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): " لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له، ولا دينَ لمن لا عهدَ له"( أخرجه أحمد).
وأوضح أن عاقبة الحرام وخيمة في الدنيا والآخرة؛ فقد ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم) " الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟! " (رواه مسلم)، مؤكدًا أن حرمة المال تتحقق بكل طريق غير مشروع منها الغش نوعًا أو كمًا، كيلًا أو ميزانًا، أو مقياسًا، وأشد أنواع الغش حرمة وخطرًا على المجتمعات ما يتعلق بحياة الناس وأقواتهم وغذائهم وعلاجهم، فمن غش في شيء من ذلك وهو يعلم أنه غشه فيه مؤد للقتل فهو قاتل عمدًا، وإن كان يدرك أنه مضرٌ بصحة الناس وغير صالح للاستهلاك الآدمي فأدى إلى القتل، فهو قاتل قتلًا شبه عمد.
وأشار جمعة، إلى أن من أشد صور الحرام كل مال يتحقق بطريق الرشوة أو الاختلاس أو أكل حقوق الآخرين من عامل أو أجير أو غيرهما؛ حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في الحديث القدسي الذي يرويه عن رب العزة (عز وجل): "ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ" (صحيح البخاري)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "لَعَنَ اللَّه الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)، مؤكدًا أن ضياع المال إهمالًا كضياعه إفسادًا فكلاهما ضياع على كل حال، فكلُّ من قصّر في حماية المال العام أو تسبب في إتلافه أو إفساده أو ضياعه فهو آثم شرعًا.