أزمة سد النهضة بين الانسداد والانفراج

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
محافظ مطروح يفتتح ورشة عمل عن الخطر السيبراني وزير الري: يوجه بالإستفادة من املاك الوزارة يتماشى مع التوجهات العامة للدولة جهاز تنمية المشروعات يطلق النسخة السادسة من معرض "تراثنا" للحرف اليدوية والتراثية 12 ديسمبر المقبل وزيرة التنمية المحلية تشارك في فعاليات إنطلاق النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية تعرف من عارف علي اسعار الفاكهة جملة اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 تعرف من عارف علي اسعار الاسماك اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 جامعة أسوان تنظم يوم رياضي ضمن مبادرة 100 يوم رياضة وإقامة المباراة النهائية لبطولة دوري الأنشطة الطلابية تعرف من عارف علي مواعيد مبارايات اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 ساعات ويختتم العالم قمة المناخ COP29 بباكو عاصمة أذربيجان تعرف من عارف علي اسعار الخضار اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 تعرف من عارف علي اسعار الذهب اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 محافظ الإسكندرية: رفع درجة الاستعدادات للتعامل مع توقعات الهيئة العامة للأرصادالجوية

مقالات

   أزمة سد النهضة بين الانسداد والانفراج

السفير صلاح حليمه
السفير صلاح حليمه

يؤكد الواقع الذي نعيشه أن أزمة سد النهضة ، لم تزل تراوح مكانها ، وأن هناك مخطط أثيوبى يزاوج بين أهداف تنموية وأخرى سياسية ، وينطوى المخطط على المساس بالحياة وبالوجود فى كل من مصر والسودان ، عبر اخطار جسيمه ، تتعاظم تداعيتها تحت ضغوط عامل الوقت . تتجسد تلك الاخطار بتداعياتها على لسان كبار المسؤلين الاثيوبيين ، فى الاعلان عن إعتزام أثيوبيا البدء فى ملء المرحلة الثانية من السد.

من خلال نهج أحادى من شأنه فرض أمر واقع على دولتى المصب ، على نحو يجعل من النيل الازرق بحيرة أثيوبية خالصة ، وبحيث يمكن لاثيوبيا عنئذ أن تتحكم فى منع أو منح تدفق المياة لكلا الدولتين . أن الموقف الاثيوبى على هذا النحو يهدر الحقوق المشروعة لدولتى المصب فى انتهاك صارخ وواضح للقانون الدولى والاتفاقات الثنائية والثلاثية ذات الصلة ،الواجب إحترامها والالتزام بها .

وفى هذا الاطار تواصل أثيوبيا رفض أى دور للوساطة سواء كانت افريقية أو أوروبية او أمريكية ، رغم قبولها للاخيرة من قبل ، وتملصت منها فيما بعد بدعاوى واهية . هذا على الرغم من ان الوساطة هى إحدى الآليات ـ من بين آليات أخرى ـ وردت على سبيل الحصر فى اتفاق اعلان المبادئ لعام 2015 ، ضمن سبل فض النزاعات بالطرق السلمية . ويعد الرفض الاثيوبى للوساطة خروجا عن الاحترام والالتزام باعلان المبادئ الذى فى جوهره يتسق تماما مع أحكام القانون الدولى والاتفاقات المبرمة بين الاطراف المعنية .
إن المحافظة على الحقوق المشروعه لدولتى المصب وصيانتها ، ووأد أية مخاطر بل وتجنبها إن وقعت ، تتأسس على رؤية ثاقبة شامله ، تنطلق من ضرورة إحترام قواعد القانون الدولى العام ، وقانون الدولى للمجارى المائية ، بل والقانون الدولى الانسانى ، والمواثيق الدولية والاتفاقاتت ذات الصلة والالتزام بهم، وهى أمور فى مجملها تستوجب من هذا المنطلق.

دفع أثيوبيا لاحداث تغييرا جذريا فى موقفها ، سواء "طوعــــا " عبر مسار تفاوضى جاد وفاعل إيجابى وبناء ، أو " جبـــــرا " على ذات المسار، عبر اللجوء الى حق الدفاع الشرعى الوارد فى إطار الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة ، لما يشكله الموقف الأثيوبى باخطاره الجسيمه على دولتى المصب من إغتيال للحياه وللوجود بهما ، ومن تهديد صارخ للأمن والسلم الاقليميبن والدوليين .
وإذا كان ملف الأزمة يتأرجح فى تناوله ما بين " التــــــدويل "، أى فى اطار الامم المتحدة ،وما بين " الافرقـــــة " أى فى اطار الاتحاد الافريقى ، فهو حاليا فى إطار الاتحاد الافريقى تحت رعاية دولة الكونغو الديمقراطية الرئاسة الجديدة للاتحاد الافريقى لعام 2021 وهى إحدى دول حوض النيل . لقد تعذر تحقيق أى إنجاز تحت رعاية دولة جنوب افريقيا دولة الرئاسة المنتهية ولايتها ، وهو أمر فى التقديرمرده أن الرئاسة السابقة تداولت الملف.

فى اطار الاكتفاء بدور "الراعى دون تجاوزه لدور الميسر أو الوسيط "على النحو الذى كان عليه مسار واشنطن ، فى وقت تتصاعد فيه ـ مع ضغوط عامل الوقت ـ المخاطر الجسيمة المهددة لحياة ووجود دولتى المصب .

ومن هنا نؤكد على ان المطلب الملح والعاجل من جانب الرئاسة الجديدة هو الاضطلاع بدور الوسيط لاحداث إختراق ايجابي فى الملف نحو الهدف المنشود ، ويتعزز هذا المطلب ـ الوسيط ـ باعتباره أحد آليات فض النزاعات بالطرق السلمية الوارده فى المادة العاشرة من اعلان المبادئ 2015 الموقع من رؤساء الدول الثلاثة . فى هذا الاطار يجب الاشارة إلى إمكانية إتخاذ مشروع إتفاق واشنطن أساسا ومنطلقا ، كانجاز على الطريق يمكن البناء عليه، للتوصل إلى إتفاق قانونى ملزم لقواعد ملء وتشغيل السد ، آخذا فى الاعتبار أن الموقف الاثيوبى المتمسك فقط بقواعد استرشادية لملء وتشغيل السد يفتقر إلى أى اساس ، أو سند من القانون الدولى والاتفاقات المبرمة بين الاطراف الثلاثة والمواثيق الدولية ذات الصلة .
لقد عهد للرئاسة الجديدة للاتحاد الأفريقى بادارة الملف ، فى توقيت يسود فيه توجه عام على المسرح الدولى ، متعاطف بل ومؤيد لموقفى مصر والسودان ،تجسد ـ من بين أمور أخرى ـ فى فرض كل من الاتحاد الاوروبى والولايات المتحدة ، عقوبات على أثيوبيا بسبب موقفها المتعنت من أزمة سد النهضة ، بما يستوجب تحركا دبلوماسيا مصريا سودانيا ، نشطا وفاعلا لتعظيم وتنامي هذا التوجه لدى اعضاء المجتمع الدولى ، وخاصة الدول والمنظمات المشاركة فى العملية التفاوضية كمراقبين ، أوكخبراء ، بما يدعم الرئاسة الجديدة فى سعيها للتوصل للهدف المنشود .

يستوجب تحقيق هذا الهدف ، ابتداءا ، دفع أثيوبيا نحو الالتزام بالامتناع عن بدء عملية الملء الثانى قبل التوصل لاتفاق ثلاثى ـ المادة الخامسة من الاعلان ـ وبما يتسق وتلك المادة التى انتهكتها أثيوبيا من قبل بالملء الأول . ويقترن هذا الالتزام ـ عدم البدء فى الملء الثانى ـ ، بحتمية التغير الطوعى فى الموقف الاثيوبى ، المتمثل فى التخلى عن التمسك بالقواعد الاسترشادية الى التوجه نحو الاخذ باتفاق قانونى ملزم عادل ومتوازن ، لقواعد ملء وتشغيل السد يراعى مصالح الاطراف الثلاثة ، متضمنا آليات للملء والتشغيل وأخرى لحل النزاعات ، وتأمين المخاطر بمعامل آمان طبقا للمعايير الدولية.
هذا وإذا كانت الآمال قد إنعقدت على دولة الرئاسة الجديدة للاتحاد الافريقى لاحداث انفراجه فى الازمة ، فما السبيل حال جانب تلك الرئاسة التوفيق نحو دفع أثيوبيا لتغيير موقفها طوعا ؟. فى التقدير ، أن على الرئاسة وقد تم استنفاذ وسائل فض النزاع ـ اى الازمة ـ بالطرق السلمية فى الاطار الافريقى / الافريقى ، مع تواصل الموقف الاثيوبى نحو التلويح بالتوجه نحو بدء الملء، فليس هناك من بديل سوى اعادة الملف الى مجلس الامن ربطا بتهديد الازمة للامن والسلم الاقليمين والدوليين لدفع أثيوبيا لتغيير موقفها جبـــــرا ، حيث أن الاتحاد الافريقى ليس لدية من الآليات التى يمكن اللجوء اليها لاحداث هذا التغيير، والزامها باحترام القانون الدولى والاتفاقات الدولية ذات الصلة ، وهو الامر الذى يتوافر بميثاق الامم المتحدة فى فصلية السادس والسابع .

بل وفى ذات الاطار ، إذا كانت أثيوبيا تسعى لفرض أمرا واقعا على مصر والسودان جبــــرا بمواقف أحادية تسبب أضرارا جسيمة ، فان لمصر والسودان فى اطار ميثاق الامم المتحدة حق الدفاع الشرعى عن النفس والمتجسد "قانــــــونــــــا" سواء فى التلويح باستخدام القوة أو باستخدامها لردع أثيوبيا وإجبــــــارها عبرالفصل السابع للميثاق ، على نحو يتم معه وأد التصرف الاحادى الاثيوبى ، وإجهاض الامر الواقع الساعية لفرضه .
السفير / د صلاح حليمه
نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الافريقية



Italian Trulli