تقارير وتحقيقات
بعد استدعاء 10% من القوى العاملة للحرب
كارثة اقتصادية تنتظر اسرائيل إذا طال أمد حربها مع غزة.. تفاصيل
منى حمداناندلعت حرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة،في السابع من أكتوبر 2023، استمرت لأكثر من أسبوع، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والممتلكات.
اقرأ أيضا... عاجل : القناة 12 الاسرائيلية تعلن اعلان حالة التاهب القصوي بجميع سفارتها حول العالممحافظات 2023-10-08 13:31:30
وفي حين لم تتضح بعد حصيلة الخسائر البشرية والمادية بشكل نهائي، فإنه من المؤكد أن هذه الحرب كان لها تأثير سلبي كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي كان يواجه بالفعل تحديات عديدة قبل اندلاع الصراع.
خسائر مباشرة
وفقاً لتقديرات استراتيجي الأسواق في بنك هبوعليم أكبر بنوك إسرائيل، مودي شافير، فإن خسائر إسرائيل في الميزانية الحالية بلغت نحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، أي ما يعادل 6.8 مليار دولار، مما يعني زيادة العجز بما لا يقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل. وهذه هي أعلى خسارة منذ حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973.
وهذه هي أعلى خسارة تتكبدها إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.
وتشمل هذه الخسائر:
- زيادة الإنفاق الدفاعي لتغطية تكاليف التجهيزات والذخيرة والصواريخ والطائرات والدبابات وغيرها من المعدات العسكرية.
- انخفاض الإيرادات الضريبية نتيجة لشلل جزئي للنشاط الاقتصادي، خاصة في المناطق المحاذية لغزة، حيث توقفت الإنتاجية والمبيعات والخدمات.
- تعويضات للمواطنين والشركات المتضررة من القصف والحروب.
- دفع رواتب للجنود المستدعى للخدمة الاحتياطية، والذين تغيبوا عن أعمالهم المدنية.
خسائر غير مباشرة
إلى جانب الخسائر المباشرة، فإن هذه الحرب كان لها أثار غير مباشرة على اقتصاد إسرائيل، قد تظهر في المستقبل القريب أو البعيد.
ومن بين هذه التأثيرات:
- تباطؤ النمو الاقتصادي:
قد تشهد إسرائيل تباطؤاً في معدل النمو الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2023، بسبب تراجع الإنتاج والاستهلاك والسياحة والتجارة. كما قد تتأثر إسرائيل بالتوترات الجيوسياسية والعقوبات المحتملة من بعض الدول والمنظمات الدولية، ووفقاً لتقديرات بنك هبوعليم، فإن معدل النمو الاقتصادي في إسرائيل قد ينخفض من 5.5% إلى 4% في عام 2023.
- زيادة الدين العام:
قد تزيد خسائر الحرب من حجم الدين العام لإسرائيل، والذي يبلغ حالياً نحو 72% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد تضطر إسرائيل إلى زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق على بعض المجالات مثل التعليم والصحة والرفاهية لتغطية التكاليف الدفاعية وإعادة الإعمار.
اقرأ أيضا.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اختراقا لمجاله الجوي من جهة لبنان
كما قد تواجه إسرائيل صعوبات في تمويل ديونها من خلال سوق المال، خاصة إذا تدهورت التصنيفات الائتمانية لها.
- انخفاض سعر صرف الشيكل مقابل الدولار، والذي تراجع بنحو 3% منذ بداية الحرب، وهذا يزيد من تكلفة الواردات ويضغط على معدل التضخم.
- ارتفاع التضخم وانخفاض سعر الصرف:
قد تشهد إسرائيل ارتفاعاً في مستوى التضخم، بسبب زيادة أسعار المواد الأولية والطاقة والغذاء، وخاصة في ظل انخفاض إمدادات الغاز من حقل تمار.
كما قد يتأثر سعر صرف الشيكل مقابل الدولار والعملات الأخرى، بسبب هروب رؤوس الأموال وانخفاض ثقة المستثمرين.
وفقاً لتقديرات مؤسسة كابيتال إيكونومكس، فإن سعر صرف الشيكل قد يهبط من 3.2 شيكل للدولار إلى 3.5 شيكل للدولار في نهاية عام 2023³.
تراجع السياحة
والتي تعتبر من أهم مصادر العملة الصعبة والدخل القومي لإسرائيل، فقد ألغى العديد من السياح حجوزاتهم أو أجلوا زياراتهم بسبب المخاطر الأمنية.
اقرأ أيضا.. السيسي لرئيس وزراء هولندا: مصر مستمرة في مساعيها للتهدئة وخفض التصعيد العسكري
هذا إلى جانب تأثير سلبي على سمعة إسرائيل كوجهة استثمارية، والتي قد تفقدها بعد الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إسرائيل وحماس في غزة في 7 أكتوبر 2023، واستمرت لمدة 11 يومًا، حتى تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية في 18 أكتوبر 2023.
فإلى جانب الخسائر البشرية والمادية، لحقت خسائر اقتصادية كبيرة بإسرائيل جراء الحرب.
خسائر في قطاع الإنتاج
أحد أهم التأثيرات الاقتصادية للحرب هو انخفاض الإنتاجية، أي قيمة المخرجات المنتجة من قبل عامل واحد في ساعة عمل واحدة.
فقد تسببت الحرب في تعطيل نشاطات العديد من القطاعات، خاصة في المناطق المستهدفة بالصواريخ، مثل تل أبيب وأشدود وأشكلون.
كما تسببت في استدعاء نحو 10% من قوى العمل للخدمة العسكرية الإحتياطية، مما أثر على قدرتهم على مزاولة وظائفهم المدنية.
بالإضافة إلى ذلك، تأثر سلوك المستهلكين بالخوف والقلق من التهديدات الأمنية، مما دفعهم إلى تقليل استهلاكهم من السلع والخدمات غير الضرورية.
زيادة الاستهلاك للفرد
الاستهلاك هو المبلغ الذي ينفقه المستهلكون على شراء السلع والخدمات لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم، وهو أحد مكونات الطلب الكلي والناتج المحلي الإجمالي، فقد تأثر الاستهلاك في إسرائيل بشكل سلبي بسبب الحرب، لأسباب عدة، منها:
تراجع الدخل للفرد:
نتيجة لانخفاض الإنتاجية وزيادة الإنفاق العسكري، انخفض دخل المواطنين والحكومة، مما قلص من قدرتهم على الإنفاق على السلع والخدمات.
تزايد التوقعات السلبية:
نتيجة لعدم التأكد من مستقبل الوضع الأمني والسياسي، ازدادت التوقعات السلبية لدى المستهلكين والمستثمرين، مما دفعهم إلى تخفيض استهلاكهم وزيادة توفيرهم.
تغير الأولويات:
نتيجة لتغير أولويات المستهلكين في ظل الحرب، انخفض الطلب على بعض السلع والخدمات غير الأساسية، مثل الترفيه والسفر والتسوق، وارتفع الطلب على بعض السلع والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والصحة والأمن.
اقرأ أيضا.. السيسي لرئيسة المفوضية الأوروبية: مطلوب تنسيق الجهود للوقف الفوري للتصعيد الفلسطيني الإسرائيلي
كما توقع خبراء اقتصاديون أن يستمر تأثير الحرب على اقتصاد إسرائيل في المدى المتوسط والطويل، خاصة إذا تصاعد النزاع وشاركت أطراف أخرى فيه، مما قد يؤدي إلى اقتصاد عالمي أضعف.
خسائر الصناعة والتجارة
أحد أكبر التأثيرات الاقتصادية للحرب كان على قطاع الصناعة والتجارة في إسرائيل.
بسبب التهديد المستمر من صواريخ غزة، اضطُرَّت العديد من المصانع والورش والمحال التجارية في جنوب إسرائيل ومنطقة تل أبيب إلى إغلاق أبوابها أو تقليل ساعات عملها.
اقرأ أيضا.. مواقع إسرائيلية: هجوم كبير في الشمال مشابِه لما حدث يوم 7 أكتوبر في غلاف غزة
كما تأثَّر نشاط الموانئ والمطارات والشحن الجوي والبحري بشكل كبير.
وفقًا لاتحاد الصناعات الإسرائيلي، قدَّرت خسائر الشركات الإسرائيلية خلال الحرب بنحو 1.2 مليار شيكل (368 مليون دولار).
خسائر السياحة والطيران
تعتبر السياحة والطيران من أهم مصادر الدخل للاقتصاد الإسرائيلي، ولكنها تضررت بشدة بسبب الحرب على غزة.
فقد أدى التصعيد العسكري إلى تراجع كبير في عدد الزوار الأجانب إلى إسرائيل، وإلغاء أو تأجيل العديد من الرحلات الجوية من وإلى المطارات الإسرائيلية.
كما تأثرت شركات الطيران والشحن الإسرائيلية بالقيود المفروضة على حركة الملاحة الجوية والبحرية.
اقرأ أيضا.. طيران الإمارات تخفض رحلاتها اليومية إلى إسرائيل حتى نهاية الشهر الجاري
وفقًا لوزارة السياحة الإسرائيلية، فإن عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل انخفض بنسبة 80% في أكتوبر 2023 مقارنة بأكتوبر 2022.
كما قدَّرت جمعية شركات الطيران في إسرائيل أن خسائر قطاع الطيران بلغت نحو 500 مليون شيكل (153 مليون دولار) خلال 11 يومًا من الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، تعرَّضت شركات الشحن الإسرائيلية لخسائر بسبب تعطيل حقل غاز "تمار" وإغلاق الموانئ والمعابر.
خسائر الطاقة والبنية التحتية
شهد قطاع الطاقة والبنية التحتية في إسرائيل ضربات قاسية من قبل صواريخ غزة، التي استهدفت محطات كهرباء وخطوط نقل ومصافي نفط ومنشآت غاز.
هذه الهجمات أثَّرت على إمدادات الطاقة والماء والاتصالات في إسرائيل، وأجبرت المستهلكين على دفع تكاليف إضافية لتغطية انخفاض الإنتاج وزيادة الطلب.
أبرز مثال على خسائر قطاع الطاقة هو توقف حقل غاز "تمار"، الذي يمد إسرائيل بنحو 60% من احتياجاتها من الغاز.
فقد قامت شركة "ديليك دريلينغ"، المشغِّلة للحقل، بإغلاق صماماته في 10 أكتوبر 2023، بعد أن استهدفت حماس منصَّة حفره بصاروخ.
وبسبب هذا التوقف، اضطُرَّت إسرائيل إلى استيراد غاز من مصادر أخرى، مثل مصر أو تركيا، بأسعار أعلى.
كما ارتفعت أسعار الكهرباء في إسرائيل بنسبة 6.5% في نوفمبر 2023.
في نهاية التقرير.. يمكن القول إن الحرب على غزة كانت مكلفة جدًا للاقتصاد الإسرائيلي، وأنها تركت آثارًا سلبية على جميع قطاعاته.
فقد تكبَّدت إسرائيل خسائر مالية ومادية هائلة، وتعرَّضت لانخفاض في الإنتاج والنمو والتجارة والسياحة والطيران.
كما تأثَّرت إسرائيل بزيادة في التضخم والدين العام والعجز المالي.
وفي ظل استمرار التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، قد تواجه إسرائيل صعوبات في التعافي من هذه الخسائر، وقد تحتاج إلى سنوات لإعادة بناء اقتصادها، رغم الحماية والدعم الأمريكي منقطع النظير.