فن وثقافة
المؤتمر الأدبي لثقافة القاهرة يناقش مظاهر تأثيرات التراث المصري القديم على الأدب الحديث
خالد الشربيني
شهد قصر ثقافة روض الفرج، انعقاد مؤتمر اليوم الواحد لفرع ثقافة القاهرة، بعنوان "الأدب في مصر القديمة.. مقارنة بين الماضي والحاضر" دورة الآثاري الكبير سليم حسن، ضمن برنامج الفعاليات الثقافية للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني.
المؤتمر عقد برئاسة الدكتور محمد أمين عبد الصمد، وأمانة الأديب أحمد هاشم البنا، وقدمه الإذاعي السيد حسن مدير عام البرامج الثقافية بالإذاعة المصرية، وبدأت فعالياته بالسلام الوطني، ووقفة دقيقة حداد على شهداء فلسطين.
بدأت فعاليات الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس المؤتمر عن الحضارة المصرية وكيف شكلت نموذجًا للمنجز الإنساني على مر العصور وذلك لما تعكسه من عمق زمنى خلق راقات ثقافية متتالية زادت من أسباب توهج تلك الحضارة وخاصة التنوع، هذا الثراء كان دافعا مغريا للكثيرين لمحاولة نسب تلك الحضارة لهم، وأشار رئيس المؤتمر إلى الثقافة الجماهيرية التى حملت على كاهلها هموم الوطن وثقافته وشكلت حصنا منيعا لحماية الحضارة وتاريخها.
وتحدث أمين عام المؤتمر عن الأدب باعتباره شكلا من أشكال التعبير الإنسانى عن مجمل عواطف الإنسان وأفكاره وخواطره بأرقى الأساليب الكتابية المتنوعة، كما تطرق إلى مفهوم الأدب المعاصر فى العصر الحديث ويدل على معنيين الأول شامل ما يكتب فى اللغة من الآداب والعلوم، والثانى كلام ذو معنى يتصف بالجمال والتأثير، كما عرف الأدب فى عصر المعلوماتية بأنه خيرة ما يكتب ويقرأ من ثقافة ومعرفة وفن، واختتم كلمته بضرورة الاستفادة الكاملة من الوسائل المعلوماتيه وليس اعتبارها ندا للأدب والأدباء.
وفي كلمتها توجهت لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى الثقافي بالشكر لرئيس المؤتمر والباحثين المشاركين وأثنت على جهود الهيئة العامة لقصور الثقافة وحرصها على إقامة الأنشطة التفاعلية المرتبطة بمناقشة قضايا الثقافة المصرية، والعمل على الاستفادة من المشروعات العلمية والبحثية فى إطار النشاط العام للهيئة، متمنية أن يكون المؤتمر نواة لمشروع يهدف الى المحافظة على الهوية المصرية وتاريخها.
وتحدثت إلهام واصف مدير عام الفرع فى حديثها إلى الآثارى سليم حسن وإنجازاته العلمية وموسوعته مصر القديمة، مؤكدة على أهمية هذا المؤتمر الذى يعنى بالأدب واللغة فى الماضى والحاضر.
وأشار الشاعر عبده الزراع مدير عام الثقافة العامة إلى عنوان المؤتمر وأهميته فى ترسيخ الهوية المصرية والحفاظ عليها، تلا ذلك فقرة تكريمات لكوكبة من أدباء وشعراء القاهرة على مساهمتهم فى إثراء الحركة الأدبية.
المؤتمر نظم بالتعاون بين إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، والإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر مسعود شومان، وشهد حضور د. نهى نبيل مدير عام الإقليم، والشاعر وليد فؤاد مدير إدارة المؤتمرات ونوادي الأدب، والعديد من المثقفين والأدباء والإعلاميين.
الجلسة البحثية الأولى
أدار فعاليات الجلسة الأولى الكاتب حمدي عبد الرازق وعُرض فيها بحث د. عصام محمود أحمد "بواكير الثقافة العربية فى مصر" الأستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان، وجاء في البحث أهمية مصر الثقافية حيث ذكرها العديد من الشعراء فى أشعارهم كالفرزدق، وأبو نواس ، ثم تطرق إلى توالى العصور على مصر وتأثير ذلك على اللغة والأدب وازدهارهم فى عهد الخلافة الفاطمية نتيجة اهتمام الدولة الفاطمية بالشعر والشعراء وهو ما أثر فى حركة النقد فى مصر والعالم العربي.
ثم قدم د. طارق منصور مؤرخ وروائى بكلية الآداب جامعة عين شمس، بحثا عن "مظاهر تأثيرات التراث المصرى القديم على الأدب الحديث" قدم من خلاله نظرة عامة للأدب فى مصر القديمة مع تقديم حصر لجميع الموضوعات التى تناولت فى الكتب والروايات سواء كانت عالمية أو عربية أو مصرية ، مؤكدا على ضرورة تنوع الموضوعات التى يتم تناولها مع وجود سلسلة للأطفال تشرح الحضارة المصرية القديمة.
أما الكاتبة شاهيناز الفقى الكاتبة فعرضت بحثا بعنوان "أدب المصريين القدماء بين الفن الأسطوري وواقع البسطاء" تطرقت إلى نشأة الأدب المصرى القديم والعصر الذهبى له فى عهد الملك منتحتب فى عصر الدولة الوسطى حيث يمثل هذا العصر نقلة ثقافية فى عصر مصر القديمة، كما تطرقت إلى فنون الأدب المختلفة فى مصر القديمة كالشعر، الكتابة المسرحية والدراما المصرية، والأدب القصصى، والأدب الاجتماعى وكلها تنسب إلى المصرى القديم الذى برع فيها، كما أشارت إلى تأثير الأدب المصرى على الغرب موضحة أن الحضارة المصرية هى من أقدم الحضارات وقد أضافت كثيرا الى التراث الإنساني العالمى فى مجال الآداب والفنون .
الجلسة البحثية الثانية
وشهدت الجلسة الثانية تعريفا عن شخصية المؤتمر الآثارى سليم حسن وأدارها الشاعر شرقاوى حافظ، والذي سرد نبذة عن مولد "حسن" بقرية بيت ناجى التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية، ووفاة والده وهو صغير والتحاقه بمدرسة المعلمين الخديوية ثم انضمامه إلى فرقة دراسة علم الآثار بعد أن أتم دراسته عام ١٩١٢ ثم تعيينه مدرسا بالمدرسة الناصرية بالقاهرة، حيث ألف وترجم العديد من الكتب، وبعدها عين أمينا مساعدا بالمتحف المصرى، ثم سافر إلى باريس والتحق بالجامعة وحصل على دبلوم فى اللغة الشرقية وثان فى الديانات، وثالث فى اللغات الشرقية.
هذا بجانب جهوده الكبيرة فى عمليات الحفر والتنقيب التى استمرت لمدة ١٠سنوات استطاع من خلالها الكشف عن العديد من مقابر الدولة القديمة، ثم تفرغ بعد ذلك للدراسة والتأليف ومن أهم مؤلفاته موسوعة "مصر القديمة" الذى أخرجه فى ١٦جزءا متناولا تاريخ مصر وحضارتها القديمة، ثم تحدث عن جزء "الأدب المصرى القديم" أحد أهم كتب الموسوعة، بالإضافة إلى مؤلفاته التى كتبها بغير العربية والتى بلغت ٣٣مؤلفا، بجانب بحوثه ومؤلفاته فى المحلات الأثرية الاجنبية، ثم وفاته عام ١٩٦١ بعد رحلة عطاء.
توصيات المؤتمر:
أوصى المؤتمر في ختام فعالياته بالتالي:
- رفض كافة مظاهر وصور التطبيع والتعامل مع الكيان الصهيوني ويؤكد دعمه التام لكافة أوجه المقاومة الشعبية لتحرير الأرض.
- تدشين سلسلة ضمن إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة تتيح التعريف بالتاريخ المصري القديم من خلال إنجاز المدرسة المصرية ومن ينتهج نهجها العلمي.
- لفت نظر واضعى السياسات التعليمية والإعلامية والثقافية إلى أهمية النظر إلى المنجز الحضارى المصرى القديم أدبا وفنونا وعناصره الثقافية المتنوعة والدعوة إلى التعريف بها وتقديمها من خلال مناهجها وبرامجها تأكيدا لتميز عناصر هوية مصر.
- صناعة مادة فيلمية خاصة بالثقافة المصرية القديمة والاستفادة من الموقع الإلكتروني للهيئة والكوادر الفنية والعلمية بها
- إقامة ورش تدريبية حول فن القصة الشاعرة باعتباره فنا مصريا خالصا.
هذا وشهدت الفعاليات تكريم رئيس المؤتمر وأمينه العام والباحثين المشاركين والعديد من المبدعين والشعراء، وتضمنت الفعاليات عرضا لفرقة القاهرة للموسيقى العربية التابعة لقصر ثقافة روض الفرج والتى قدمت باقة متنوعة من الأغانى الوطنية مصر يا أم الدنيا، يا أحلى اسم فى الوجود، يا حبيبتى يا مصر وغيرها، بجانب أمسية شعرية أدارها الشاعر العزب فتحي أبو الفتوح، وشارك بها أعضاء نوادي الأدب. وأقيم على هامش المؤتمر معرض للكتب الفائزة بجائزة النشر الاقليمى، ومعرض إكسسوارات من السلك النحاس، وأشغال يدوية، بجانب ورشة فنية للأطفال.