كتاب الادب
ديناميكية الرأي العام بين النظرية والتطبيق.. كتاب جديد لـ رضا فوري وهناء محمد
محمدعبد المنصفابدعت الدكتورة رضا فولي مدرس العلاقات العامة والاعلان بمعهد الجزيرة للاعلام وعلوم الاتصال والدكتورة هناءمحمد مدرس الراي العام والاعلام الجديد بجامعة عين شمس، في كتابهما الجديد حول "ديناميكية الرأي العام بين النظرية والتطبيق"
أوضحت الباحثتان أن الرأي العام يعد مؤشرًا مهمًّا لقياس مدى رضا القاعدة الشعبية عن السياسات العامة للدولة من جهة،بالإضافة إلى فرض ديناميكية الرأي العام وتغيره المستمر على صانعي السياسيات ومتخذي القرارات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
وقياس الرأي العام تجاه القضايا المختلفة قياسًا علميًّا دقيقًا وبشكل دائم ومستمر،وذلك بهدف معرفة الواقع الفعلي بحجمه الطبيعي ودراسة مشكلاته الملحة وتقييم ما تم،والتوصل إلى الصورة الصحيحة لما لدى الجمهور من معلومات وآراء واتجاهات من جهة أخري ،ومن ثم أصبحت عملية معرفة توجهات الرأي العام ومدى قبوله أو رفضه لسياسة مُعينة تشغل بال صانعي القرار في مُختلف دول العالم لما له من دور في تحقيق الشرعية والرضا عن النظام السياسي القائم،الأمر الذي يُقلل من حدة العنف تجاهه.
اكدت الباحثتان ان الرأي العام وقياسه قد شهد تطورًا هائلًا بسبب عدد من المُتغيرات أهمها الثورة التكنولوجية وما أتاحته من فُرص التعبير عن الرأي بُحرية،ويكفي فقط عدد الوسائل التي أتاحتها شبكة الإنترنت. ولقد وثق البحث الإعلامي دائمًا قوة وسائل الإعلام في نقل صور الرأي العام إلى المستقبلين،وتُعد التغطية الإعلامية بمثابة مصدر يمثل المشهد الحالي للرأي فيما يتعلق بقضية عامة،سواء كان ذلك من خلال تقارير الاستطلاع أو الأخبار أو المقابلات.ومن المفترض أن يعتمد المستلمون على الموقف الذي تم تصويره في رسائل الوسائط هذه،وأن يستنتجوا ما قد يفكر فيه "الجمهور العام" في القضية ذات الصلة.
دكتورة هناء محمد
وفي بحوث الاتصال والبحث النفسي،أصبح استكشاف كيفية قياس الناس للرأي العام موضوعًا مهمًّا للغاية،حيث وجد أن استنتاجات الناس حول الرأي العام تؤثر على رأيهم،وفي تعبيرهم عن الرأي العام،وفي المشاركة السياسية. ونظرًا لأن تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي مثل Facebook أوTwitter، أصبحت أماكن أكثر أهمية للمواطنين لمناقشة القضايا ذات الاهتمام العام،فقد تم تنشيط دراسة الرأي العام،مع التركيز على كيفية ظهور الرأي العام في تلك المجالات الجديدة،بالنظر إلى أن الوسائط الاجتماعية قد تخدم المستخدمين " كنافذة" للجمهور.
وقد اختلف المؤلفون والباحثون ورجال الاجتماع والسياسة ،فيما بينهم اختلافاً بيناً بصدد تعريف الرأى العام وإبراز أهم خائصه ومقوماته ، ووصلت حدة الاختلاف إلى درجة يمكننا فيها أن نصنفهم إلى فريقين متعارضيين ، يؤكد الأول وجود الرأى العام حقيقة واقعة ذات كيان محدد المعالم ومستقل ،بينما ينكر الآخر وجود الرأى العام وجوداً تاماً.
ولقد وصل اختلف الباحثون أيضاً ،ما بين من يرى أن ما يؤثر فى الرأى العام فى العالم الواقعى ؛هو ما يؤثر عليه عبر مواقع التواصل الإجتماعى ؛مؤمناً بأن الإعلام المؤسسى القائم على رؤوس الأموال فيها من قبل النخب السياسية والرأسمالية ما زال هو اللاعب الرئيس فى تشكيل المجال العام ، كما واصل هذا الاختلاف بين الباحثين حول قدرة وسائل الإعلام الاجتماعية نفسها ، ومثال على ذلك حيث يرى : Avgany Morzofأن وسائل الاعلام الاجتماعية قد أخذت أكثر مما تستحق،وأن وسائل الإعلام الرئيسية هى التى ساهمت فى تشكيل الواقع فى أذهان الأفراد.فى حين نجد أن Clay Shirky كان أكثر تفاؤلاً حيث سلم بوجود دور كبير لمواقع التواصل بين الأفراد عبر مواقع الشبكات الاجتماعية، فقد رأى أنها ساهمت فى توصيل المعلومات بين الأفراد من مختلف البيئات الاجتماعية والسياسية ،مع تيسير التواصل فيما بينهم ،وقد تبنى الكثير من الأكاديميين والإعلاميين قوة وسائل الإعلام الاجتماعية ، وادعوا أن الديمقراطية يمكن أن يتم انتعاشها من خلالها،أو كما قال Nicholas Kristof إن الإنترنت سلاح فعال فى أيدى الضعفاء وإنها ساحة الصراع الأساسى فى القرن الحادى والعشرين .
ولكن ما مدى تأثير وسائل الإعلام الجديد في تكوين الرأي العام ؟، حيث يشير الدليل الإيكولوجي إلى أن وسائل الإعلام الاجتماعية تؤثر على وسائل الإعلام الرئيسية بطريقة غير مهمة،خاصة الآن بعد أن مكنت الإنترنت عامة الناس من الانضمام إلى النقاش دون بذل مجهود يذكر،ولكن هل هذا هو الحال فعلا؟ أم أن وسائل التواصل الاجتماعي تتبع تقدم وسائل الإعلام؟؛وما هي القوة الرئيسية في تشكيل الرأي العام في حال حدوث أزمة كبرى؟، هل كان هناك تحول في السلطة؟.إذا كان الأمر كذلك،فستكون له عواقب مهمة بالنسبة لإدارة الأزمات وإدارة المشكلات، التي واجهتها دائمًا تحديات من خلال تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة. وشهدت السنوات الأخيرة قدرًا كبيرًا من الاهتمام الأكاديمي في الدراسات الأجنبية الحديثة بإمكانية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لقياس الرأي العام على نطاق واسع،وتوصلت إلى أن وسائل الإعلام تظل مؤثرًا قويًّا في الخطاب العام،وأن أطر وسائل التواصل الاجتماعي تتبع إطار عمل وسائل الإعلام الإخبارية، وخاصة فيما يتعلق بإطار عمل الجهات الفاعلة المحيطة.ويتعارض هذا الاستنتاج مع الدراسات التي أجريت في المجال السياسي،والتي أظهرت أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت قادرة على تثبيت أطر وسائل الإعلام،ويمكن تفسير التناقض باختيار أدوات التواصل الاجتماعي؛ في حين أن الدراسات في مجال التواصل السياسي نظرت إلى عدد قليل من المدونات بواسطة معلقين بارزين للأحداث السياسية،وإن مشاركات Facebook من أعضاء الجمهور عبر الإنترنت،على الرغم من ارتفاع عددها،تبدو أقل نفوذًا.
ولقد إختلفت طريقة قياس الرأي العام والتي كانت تُعرف بأنها تلك العملية التي يتم من خلالها معرفة ردود أفعال الناس وتوجهاتهم تجاه عبارات وأسئلة مصاغة بشكل واضح،وذلك من خلال المقابلات والمحاورات،أما اليوم فتستخدم أجهزة الكمبيوتر على نطاق واسع في عملية إجراء المقابلات وفي تحليل بيانات المسح،وذلك من خلال تطوير استطلاعات الرأي لتجميع الآراء الفردية،وطريقة إجراء استطلاع علمي أصبحت سهلة الاستخدام لدرجة أن الأشخاص يستخدمون نهج التجميع لأنهم يستطيعون إجراء الاستطلاعات بهذه السرعة.ولا يعني ذلك أن توفير التكنولوجيا يحدد دائمًا كيف نرى العالم السياسي والاجتماعي،ولكن هذه التقنيات تمكننا من فهم العالم بطريقة تبدو فعالة .
ولذلك سنتطرق من خلال فصول هذا الكتاب لدراسة واقع التراث العلمي في مجال الرأى العام وماهيته وتعريفاته العربية والأجنبية ،ونشأته التاريخية ووظائفه.بالإضافة إلي دراسة تصنيفاته وأنواعه، ومدي قوة تأثير وسائل الإعلام الجديد عليه وظهور أشكاله المستحدثة وهو ( الرأى العام الإلكتروني ) والمقارنة بين طرق قياسه القديمة من خلال: الاستقصاء "الاستطلاع المباشر – الاستبيان" ،والمسح "الملاحظة – المقابلة"،وتحليل المضمون ،وبين قياسه من خلال استطلاعات الرأى الإلكترونية الحديثة .