أخبار
الجيش الإسرائيلي ينسحب من غزة لهذه الأسباب
قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي بسحب قواته العسكرية من كافة أنحاء قطاع غزة أثار الكثير من التساؤلات والتكهنات حول الأسباب والدوافع التي أدت إلى إعلان الإذاعة الرسمية للجيش الإسرائيلي انتهاء المناورة البرية في القطاع.
يأتي هذا القرار بعد الإعلان عن القضاء على 19 كتيبة تابعة لحركة حماس من بين 24 كتيبة متواجدة في القطاع.
وقد أصبحت أرض غزة خالية تمامًا من أي وجود عسكري إسرائيلي باستثناء شارع 970، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، حيث يبقى عدد قليل من جنود "لواء ناحل" المكلفين بتأمين المحور ومنع عودة النازحين إلى شمال القطاع.
بحسب الرواية الإسرائيلية الرسمية، فإن وزير الدفاع يوآف جالانت أعلن أن مغادرة القطاع تأتي للاستعداد لعمليات عسكرية جديدة، وأن الحرب البرية قد تستمر حتى تصل تل أبيب لوضع لا تسيطر فيه "حماس" على القطاع.
كما بقي في قطاع غزة منطقتان لم يجتحهما الجيش الإسرائيلي، وهي محافظة رفح التي يوجد بها أربع كتائب لحركة "حماس"، وأيضًا نحو 1.3 مليون نازح، إضافة إلى مدينة دير البلح ومخيم النصيرات التابع للمحافظة نفسها في وسط القطاع، وفي تلك المنطقة يوجد نحو 900 ألف نازح وكتيبة عسكرية واحدة لـ"حماس".
في حين اعتبر البيت الأبيض على لسان المتحدث باسمه جون كيربي، أنه ليس بالضرورة أن يعني انسحاب الجيش الاستعداد لعملية عسكرية وشيكة لهذه القوات.
ونفى البيت الأبيض بشكل قاطع أي استعداد لعملية عسكرية قريبة، مما يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي قد انسحب من قطاع غزة لانتهاء المناورة البرية، فيما يبدو أن الخطوة القادمة تتمثل في التحول إلى المرحلة الثالثة من الحرب، التي تتضمن تنفيذ ضربات جوية محدودة وفقًا للمعلومات الاستخباراتية، ومن الممكن أن تستهدف مناطق مثل رفح ودير البلح.
وفي سياق متصل، ترى بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن انسحاب القوات جاء نتيجة لتكبد خسائر فادحة، حيث نصبت عناصر "حماس" مكمنًا قتاليًا أسفر عن مقتل 14 جنديًا وتدمير عدد كبير من الدبابات وناقلات الجنود. يعتبر هذا الانسحاب خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليص الخسائر البشرية، خاصة مع تواجد الجنود في القطاع دون مهام قتالية، مما قد يؤدي إلى إرهاق شديد بعد ستة أشهر من القتال.
كما تدرك القيادات في الجيش أنه لا جدوى من بقاء أعداد كبيرة من ألوية الجيش داخل قطاع غزة، والاستمرار لفترة أطول لا يؤدي إلا لتعريض حياة مزيد من الجنود للخطر".
بينما من المؤكد أن إسرائيل انسحبت لأهداف عدة وحقق تراجعها مكاسب لها، إذ بهذه الخطوة أظهرت للولايات المتحدة وبريطانيا أنها استجابت لمطالبهما في تغيير آليات القتال في قطاع غزة.
في حين هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعواقب وخيمة إذا لم يغير طريقة حربه في غزة، وحذره من إعادة أمريكا النظر في طريقة دعمها تل أبيب إذا لم تتحسن ظروف المدنيين في غزة على وجه السرعة.
وفي بعد آخر لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، فإن المراقبين السياسيين يعتبرون أنه جاء كبادرة حسن نية لإتمام مفاوضات تبادل الأسرى، وأيضا استجابة لشرط حماس المتمثل في عدم الذهاب لأي صفقة إلا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خارج حدود القطاع.
وبحسب صحف عبرية استجاب المستويان العسكري والسياسي في إسرائيل لمطلب حماس في المفاوضات بانسحاب الجيش من القطاع، وهذا دفع المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في العاصمة المصرية القاهرة، قدمًا.
يذكر أنه في 6 أبريل الجاري توجهت وفود من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة إلى القاهرة لبحث مسودة مقترح هدنة إنسانية، تتضمن وقف إطلاق النار وعودة النازحين وإطلاق سراح الرهائن.
وأعلنت حركة حماس أنها ما زالت تتمسك بموقفها الذي قدمته للوسطاء، والذي يستند إلى وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الجيش من غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكناهم، وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جادة.
وفي تلميح من نتنياهو يقول "نحن على بعد خطوة واحدة من النصر، ومن المتوقع الذهاب لوقف إطلاق النار، ولن يكون ذلك إلا بعودة الرهائن، إسرائيل دفعت ثمنًا مؤلمًا، وعلى رغم ذلك ما زالت تتعرض لضغوط دولية كبيرة"، مضيفًا "لن أوقف الحرب بصورة نهائية إلا بعد القضاء على حماس في قطاع غزة بكامله، بما في ذلك رفح".
وكانت إسرائيل قد اجتاحت كل أراضي الجزء الشمالي من القطاع إضافة إلى مدينة خان يونس جنوبًا وأجزاء واسعة من مخيمات محافظة دير البلح وسط القطاع، وبصورة مفاجئة ومن دون أي مقدمات على الأرض، جرت عمليات انسحاب قوات الجيش.