د.فوزي يونس..يكتب..انسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية وتحديات المستقبل

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
تموين اسكندرية يحرر ١٢٠ محضر مخالفة و٥٧ ألف جنية غرامات «النساء لن تدخل الجحيم».. إصدار جديد بهيئة الكتاب لـ سليمان العطار التعليم العالي: إدراج 19 جامعة مصرية في نسخة تصنيف QS العالمي للتخصصات الجامعية للعام 2025 الزراعة تصدر نشرة الحصاد رقم ٢٣٨ لأنشطة الوزارة من ٧ وحتى ١٣ مارس الجاري وزير الكهرباء: يتابع منظومة خدمات المواطنين ويتلقى تقريرا يوضح طبيعة الشكاوى د.فوزي يونس..يكتب..انسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية وتحديات المستقبل وزير الري: يشدد علي الانتهاء من تطهير الترع قبل نهاية ابريل استعدادا للموسم الصيفي تعرف من عارف علي اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 14 مارس 2025 تعرف من عارف علي اسعار الخضار اليوم الجمعة 14 مارس 2025 تعرف من عارف علي اسعار الفاكهة في سوق العبور اليوم الجمعة 14 مارس 2025 تعرف من عارف علي اسعار الأسماك اليوم الجمعة 14 مارس 2025 تعرف من عارف علي مواعيد مبارايات اليوم الجمعة 14 مارس 2025

مقالات

د.فوزي يونس..يكتب..انسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية وتحديات المستقبل

د.فوزي يونس
د.فوزي يونس

بداية يُعد انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية (WHO) تحولا جذريا في النظام الصحي الدولي حيث يشكل تحديًا أمام قدرة المنظمة على تنفيذ برامجها خاصة في ظل الأزمات الصحية العالمية مثل الأوبئة والتغيرات المناخية التي تؤثر على الصحة العامة. تعتمد المنظمة على تمويل الدول الأعضاء وكانت الولايات المتحدة أحد أكبر الممولين ما يجعل غيابها يفرض تحديات مالية وإدارية تؤثر على دور الأمم المتحدة ككل.

في هذا السياق يتطلب ضمان استمرار عمل منظمة الصحة العالمية واستقلاليتها تطوير استراتيجيات مستقبلية تعزز استدامتها المالية والإدارية وتعزز شرعيتها الدولية.

تداعيات انسحاب الولايات المتحدة

1. الأثر المالي: كانت واشنطن تساهم بحوالي 15% من ميزانية المنظمة، ما قد يؤدي إلى نقص في التمويل اللازم للبرامج الصحية العالمية.


2. التحديات التشغيلية: قد يؤثر الانسحاب على تنفيذ المشاريع في الدول النامية، خصوصًا في مجالات مثل مكافحة الأوبئة وتعزيز النظم الصحية.


3. التأثير الجيوسياسي: فتح المجال أمام قوى دولية أخرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي لتوسيع نفوذها داخل المنظمة ما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل سياسات الصحة العالمية.


4. الشرعية والثقة الدولية: يؤثر انسحاب قوة كبرى على مصداقية المنظمة، ما يفرض تحديات على مدى قبول توصياتها من قبل الدول الأعضاء.

استراتيجية لضمان استدامة المنظمة

لمواجهة هذه التحديات يجب تبني نهج شامل يرتكز على خمسة محاور أساسية:

1. تنويع مصادر التمويل

توسيع قاعدة التمويل: تشجيع مساهمات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية لتمويل مشاريع الصحة العالمية.

فرض رسوم رمزية على الخدمات التقنية: مثل الاستشارات الصحية وتطوير النظم الصحية وبرامج التدريب وبناء القدرات للدول الأعضاء.

إطلاق صندوق استدامة دولي: يضمن دعما مستمرا لبرامج الطوارئ والاستجابة للأوبئة دون الاعتماد على تمويل دولة بعينها.


2. تعزيز الحوكمة والاستقلالية

إصلاح آليات صنع القرار: لتقليل التأثير السياسي للدول الكبرى وضمان تمثيل عادل لجميع الدول الأعضاء.

تعزيز الشفافية والمساءلة: نشر تقارير مالية دورية توضح استخدام التمويلات والمشاريع التي يتم تنفيذها.

إعادة هيكلة مجلس إدارة المنظمة: بإشراك خبراء مستقلين إلى جانب ممثلي الحكومات لضمان استمرارية الأداء بعيدًا عن الضغوط السياسية.


3. تعزيز التعاون الدولي

إشراك الدول النامية بقوة أكبر: من خلال دعم القدرات الوطنية في مجالات الصحة العامة.

التوسع في الشراكات الإقليمية: من خلال التعاون مع الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الأوروبي، رابطة آسيان ومجلس التعاون الخليجي لتوزيع الأعباء المالية والإدارية.

العمل مع المؤسسات المالية الدولية: مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتأمين تمويل دائم للبرامج الصحية.


4. الابتكار في الخدمات الصحية

استخدام التكنولوجيا الرقمية: لتعزيز الاستجابة للأوبئة من خلال أنظمة الإنذار المبكر والذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الصحية.

تعزيز البحث العلمي: بزيادة الاستثمار في الأبحاث الصحية عبر تحالفات علمية مع الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية.

إطلاق مبادرات الصحة المجتمعية: لتقليل الاعتماد على التمويل الحكومي وتعزيز دور المجتمعات المحلية في الاستجابة الصحية.


5. استدامة المنظمة ضمن منظومة الأمم المتحدة

دمج أهداف الصحة العالمية مع أجندة التنمية المستدامة (SDGs) لضمان الدعم المستمر من الأمم المتحدة والدول الأعضاء.

تعزيز العلاقة مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) لضمان تكامل الجهود الصحية مع أهداف التنمية.

إطلاق "ميثاق الصحة العالمية" الذي يلزم الدول بالتمويل المستدام للمنظمة لضمان استمرارية دورها.


ومما سبق يمكننا القول بأن
انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية يمثل تحديا كبيرا لكنه يوفر أيضًا فرصة لإعادة هيكلة المنظمة وجعلها أكثر استقلالية وكفاءة. من خلال تنويع مصادر التمويل وتعزيز الحوكمة وتعميق التعاون الدولي وابتكار الحلول الصحية يمكن ضمان استدامة دور المنظمة في حماية الصحة العامة عالميا. إن مستقبل الصحة العالمية يعتمد على نهج تشاركي يضمن استمرارية الدعم والتعاون الدولي بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة.

د. فوزي يونس

أستاذ ورئيس وحدة فسيولوجيا الأقلمة بمركز بحوث الصحراء - خبير العمل المناخي واستشاري البصمة الكربونية والاستدامة.



Italian Trulli