فن وثقافة
دراسة جديدة لكتاب «تطور الأديان.. نظرية جديدة في منطق التحولات» للخشت
غادة منصوردرت حديثًا بالعدد الرابع عشر من مجلة يتفكرون التي تصدر عن مؤسسة "مؤمنون بلا حدود"، دراسة بعنوان "نحو نظرية جديدة في تطور الأديان"، وهي دراسة تحليلية في كتاب (تطور الأديان: نظرية جديدة في منطق التحولات) للدكتور محمد عثمان الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة.
وتتناول الدراسة التي أعدها الدكتور غيضان السيد أستاذ الفلسفة المساعد بجامعة بني سويف، أهمية كتاب "تطور الأديان" في حقل الدراسات الدينية، حيث يقدم الكتاب رؤية جديدة تفكك وتتجاوز التصور الشائع لمقولة أن الدين ظاهرة لا تخضع للتطور، وتتصدى بالنقد لرؤية التطوريين القائلة بأن الدين ظاهرة بشرية مطلقة. وفي المقابل يؤكد د. الخشت على أن الدين يتطور تبعًا لتطور الوعي الإنساني في التاريخ، لكنه يظل وحيًا إلهيا في منشئه، وأن الرسالة الإلهية تتقدم عبر التاريخ مواكبة لتطور الوعي الإنساني.
وتناقش الدراسة، الفكرة الجوهرية التي تناولها الكتاب في فصوله الأربعة، وهي محاولة الكشف عن سر التحول في الوعي الديني من الكثرة إلى الوحدة، ومن الشرك إلى شبه التوحيد، ومن شبه التوحيد إلى التوحيد، ومن التوحيد غير التنزيهي إلى التوحيد الواضح الخالص لله رب العالمين بوصفه ليس كمثله شيء.
وأظهرت الدراسة أن تطور الأديان الذي يقصده الدكتور الخشت في كتابه، هو التطور المحكوم بمنطق التطور العقلي، وبالتالي نجح في أن يضع الأديان في تطور عقلي يتفادى مآزق نظرية التطور التاريخي أخطأت في قولها بأن الدين ظاهرة إنسانية خالصة، حيث يتبع الدكتور الخشت منهج دراسة تطور الأديان وتحولاتها في الوعي والعقل الإنساني لا في التسلسل التاريخي، وهو المنهج الذي يسير من الكثرة إلى الوحدة، ومن المحسوس إلى المعقول، ومن العيني إلى المجرد، حيث المثلث الذي يعكس قمة التطور الديني المتمثل في الواحد والمعقول والمجرد، وبالتالي فإن المنطق الذي يحكم تتابع الأديان في التاريخ هو منطق التطور العقلي وليس التاريخي.
وتشير الدراسة، إلى أن الجديد الذي يطرحه كتاب تطور الأديان، يتمثل في طرح إمكانية تفسير تطور الأديان دون الخروج من دائرة الإيمان، وبالانطلاق من النص الديني نفسه ومن الوقائع الدينية. كما بينت الدراسة، أن كتاب تطور الأديان، يكسر القواعد التقليدية، ويعيد بناء المفاهيم سواء الدينية أو المضادة للدين، كما يقف بالمرصاد لحركات الإلحاد، وفي الوقت نفسه رافضا الفكر الديني الرجعي والكهنوتي، بهدف تحرير الدين من مفاهيم الكهنة أو ما يُسمى برجال الدين.
كما تشير الدراسة، إلى أن الدكتور الخشت وضع رؤية جديدة ترى أن الظاهرة الدينية ظاهرة "إلهية – إنسانية" تطورت عبر تعاقب الأديان لتلائم تطور الوعي الإنساني، وأن التطور لا يتعارض مع الوحي، ويأمل د. الخشت في أن هذه النظرية الجديدة من الممكن أن تكون نقطة للانطلاق لحل الصراع بين الأصوليين والتطوريين.
وتوضح الدراسة، أن كتاب "تطور الأديان" للدكتور محمد الخشت، يقدم مقارنة شاملة بين الأديان والفلسفات بحيث يتحول معها علم مقارنة الأديان من مجرد علم وصفي إلى علم نقدي فلسفي، يجمع بين الوصف العلمي والتحليل الفلسفي والنقد العقلي الملتزم بمعايير المنطق وتوظيفها في عصر الحداثة وما بعدها.
ويقول الدكتور غيضان السيد، في دراسته عن كتاب (تطور الأديان: نظرية جديدة في منطق التحولات) أن الدكتور الخشت ينحو نحوًا مخالفًا لما كان عليه الأمر في الدراسات الدينية التي كانت تركز إما على مقارنة الأديان وحدها، أو مقارنة الفلسفات وحدها، أو دراسة الدين من منظور علم اجتماعي أو إنساني واحد مثل علم النفس الديني أو علم الاجتماع الديني أو غيرها من العلوم. مشيرًا إلى أن هذا الكتاب يسعى إلى تقديم رؤية أكثر شمولًا لهذه المجالات فتضمها في حقل واحد يتيح الفرصة لرؤية أوسع للنظر إلى العقائد الإنسانية من أكثر من زاوية، ويحلل من منظور نقدي إجابات الأديان على هموم الإنسان الأزلية.
وأوضحت الدراسة، أن الدكتور الخشت، اعتمد في تقديم نظريته حول تطور الأديان على توظيف المناهج العلمية والفلسفية الحديثة في دراسة الأديان، والاستفادة من جهود مناهج النقد التاريخي، ونقد النص، والنقد الشكلي، وفحص جهود المدرسة التحليلية، والعقلانيين، ونتائج علم الاجتماع الديني، وعلم النفس الديني، والاستفادة منهم، ولفتت إلى أن الدكتور الخشت جاء منهجه في البحث مركبًا من عدة مناهج جمع بينها في منهج عقلاني متكامل.